إنّ الحديث عن مرحلة انتقالية في سوريا يعني أن توجد بين أيدينا إشارات معينة تبين أسس هذه المرحلة، وهي غير موجودة إلى الآن.
الوصول إلى اتفاق حول الحل في سوريا، و بالتالي حول المرحلة الانتقالية ليس أمرًا قريبًا، إلا إذا قررت الولايات المتحدة الامريكية بعد عملية الرقة وبعد عملية الموصل أن تعمل بقوة على تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي وأن تأمن مصالح الروس في المنطقة وخارجها عبر تعاون دولي كان باراك أوباما يرفض ان يقيمه مع روسيا بينما عرض ترامب بكل وضوح على الروس أن يقدم لهم مثل هذا التعاون.
موضوع المرحلة الانتقالية يرتبط أيضًا بشكل مباشر بتركيا و إيران، لن تتحقق هذه المرحلة قبل أن تعمل الولايات المتحدة على تجحيم الدور الإيراني في سوريا، و أن تعطي تركيا دورًا مقبولًا تستطيع من خلاله تحقيق أمنها و هدوءها الداخلي.
من يعمل على تحقيق هذه المرحلة في جنيف هو وطنيّ و حريص على الدفاع عن حقوق الشعب السوري عبر تطبيق القرارات الدولية التي تعطي هذا الشعب حقوقًا لا يجوز التنازل عنها، و على رأسها الهيئة الحكومية الانتقالية التي ستوصلنا إلى النظام الديمقراطي، كما تقول وثائق جنيف و القراران 2008 و 2254.
كان على وفد جنيف أن يُرفد بمجموعة كبيرة من المستشارين الذين يعدون الوثائق و الأوراق التي تشرح الطرق و السبل الضرورية كي يتخطى التيار المعارض الأفخاخ التي يمكن أن تنصب له من قبل الروس و موظفي الأمم المتحدة، و قبل كل شيء، النظام المجرم.
كسوريين لدينا بالفعل خبراء مهمين جدًا في السياسة و الدبلوماسية الدولية، و كان بإمكاننا التواصل مع قانونيين على مستوى رفيع من القدرة، لتزويدنا بالنصائح و المخططات التي تساعدنا على بلوغ أفضل النتائج خلال عملية التفاوض، ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك اتفاق بين أعضاء الوفد على مطالب الحدين الأدني والأعلى الوطنية ، وأن تكون أولويتهم سورية وليست مناطقية او محلية.
و رغم أن ذلك لم يحدث، إلا أن الوقت لم يفت، لأنه ليس من الصحيح الاعتقاد بأنّ المفاوضات الجارية ستصل بسرعة إلى نتيجة، خصوصًا و أنّ التموضع الأمريكي في المنطقة إلى جانب وضع روسيا و الخط الأحمر التركي حول منبج و المعركة ضد الإرهاب، لم تخلق بعد أوضاعًا جديدة في سورية و كل القرارات الدولية لن تطبق قبل الوصول إلى وضع جديد يفرضه توافق النقاط سابقة الذكر.
نقطة أخرى يجب علينا أن نكون واعين لها، و هي التبني الأمريكي وحاليا الروسي لبعض الكرد في سوريا و أقصد هنا الـ PYD، كرد المشروع الاقليمي الذي يشكل خطرا على سوريا.
علينا ان نبادر بسرعة لبناء موقف عربي كردي مشترك في سوريا تجاه الدولة الديمقراطية المرتقبة وتجاه العلاقات بين العرب والكرد في إطار الدولة الديمقراطية الذي يقنع الكرد ان يبقوا جزءًا من سوريا باعتبارها وطنهم الأخير و ليست معبرًا للقفز منه إلى وطن آخر اسمه كردستان، لا وجود فعلي له في سوريا و لا وجود لأي وثيقة دولية متعلقة به.
وإذا كان هناك من يتحدث عن سان ريمو فسان ريمو يضع حدود الدولة الكردية 300 كيلومتر شمال سوريا الحالية الفاصلة بين تركيا وسوريا حاليا وبالتالي ليس هناك ارض كردستانية في سورية كي تقوم عليها دولة كردية انفصالية.
يجب علينا أن نتفاهم مع الكتلة الكردية الموجودة داخل إطار الائتلاف على شكل النظام السياسي الذي سيقوم في سوريا الديمقراطية ويجب أن يكون التفاهم قائما على أساس وحدة الدولة والمجتمع وليس على أي اساس آخر دون انكار ان هناك فسحة لتلبية حقوق هؤلاء الناس في بلادنا باعتبارنا مواطنين لديهم أراضٍ، وليس باعتبارهم شعب يمتلك أرضًا وطنية داخل سوريا.
لا توجد أرض كردستانية داخل أراضي سورية ولا توجد أراضٍ لشعب قائم بذاته منفصل عن الشعب السوري استولى الشعب السوري على أرضه ويريد الآن ان يحررها كما تقول جماعة ال pkk والكردستانيين.
إنّ المشروع الإقليمي مرفوض بتاتا أما المشروع الذي يريد أن يعطي للأخوة الأكراد السوريين مكانا لهم في سوريا المستقبل فهذا سيكون الحوار بشأنه ممكنا بل وواجبا كي نقطع الطريق على اللاعب الدولي بالمسالة الكردية باعتبارها مسالة داخلية يمكن أن تلعب دورا كبيرا في تحديد شكل سوريا بما لا نرضى.
نحن نسابق الزمن علينا أن نجد حلا لهذه المشكلة التي تتلخص بماهية الدولة التي ستقام في سوريا وماهي علاقتها بمكونات الجماعة الوطنية السورية المختلفة كي يتم الحفاظ على وحدة الدولة والمجتمع في سوريا مع إعطاء هذه المكونات الحقوق التي تمكنها من إدارة شؤونها ثقافيا وإداريا ومحليا وذاتيا.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “مرآة سوريا”