(قيصري – مرآة سوريا) بدأت نية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتوضح حول الملف السوري، من خلال التوسط لحل خلافات عربية-عربية في المنطقة، و السعي لإحداث اقتتال داخلي بين المعارضين لنظام الأسد، لعبًا على وتر “تنظيم القاعدة”.
و بعيد عودة ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان من واشنطن بعد لقاء ترامب و وزير دفاعه، حدث اجتماع مفاجئ بين الملك سلمان بن عبد العزيز، و زعيم النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، على هامش قمة البحر الميت في الأردن.
و عقبت هذه اللقاءات تحركات سريعة جدًا إذا ما قيست بكم الجفاء المتبادل بين السعودية و مصر خلال الأشهر الماضية، فأعلنت شركة النفط السعودية أرامكو، عن إعادة إرسال الشحنات النفطية إلى الموانئ المصرية، فيما صرحت الخارجية المصرية عن محادثات ثنائية قريبة في القاهرة لبحث “العلاقات و القضايا الثنائية المشتركة بين البلدين”.
و أبطل القضاء المصري حكمًا سابقًا لمحكمة أوقفت اتفاقية جزيرتي تيران و صنافير، و عادت الجزيرتان للملكية السعودية بشكل مفاجئ و خاطف أيضًا.
و يقول مطلعون إنّ إدارة ترامب دفعت بتقارب مصري-سعودي لخلق تحالف عربي يكون اليد الضاربة في وجه إيران في المنطقة، بعد النشوة الكبيرة التي عاشتها خلال العامين الماضيين تحديدًا في سوريا و العراق و اليمن و بطبيعة الحال في لبنان عبر ذراعها حزب الله.
و تلاقت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين و الأمريكيين بخصوص طرد إيران من سوريا، و هو ما تعمل عليه إسرائيل بشكل حثيث مع روسيا، رغم أنّ النقاش الأمريكي-الروسي حول ذلك ما زال في مراحل ليست متقدمة.
و يعتبر طرد الميليشيات الإيرانية من سوريا، خطوة نحو الأمام في حل هذا الملف الذي تعصف به حرب دخلت عامها السابع، إذ لعبت هذه الميليشيات دورًا هامًا جدًا في ثبات نظام الأسد المتداعي، حتى أصبحت العمود الفقري لصمود النظام قبل التدخل الروسي الفعلي و المعلن عام 2015.
و على الصعيد الداخلي تتوارد الأنباء من مصادر عسكرية مختلفة عن تشكيل عسكري جديد يجمع فصائل المعارضة السورية باستثناء الفصائل التي كانت تتبع سابقًا لتنظيم القاعدة، و هي الفصائل المدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية في اللوائح الأمريكية، ونقصد هنا هيئة تحرير الشام بكل مكوناتها.
و بحسب صحيفة الحياة اللندنية، فإنّ غرفة “الموم” التي تتركز جنوب تركيا، و تديرها وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي آي ايه”، قد وجهت بتشكيل فصيل عسكري يجمع أكثر من 30 ألف مقاتل، ينتمون لفصائل مدرجة على قوائم الدعم الأمريكي و التركي، تحت قيادة العقيد فضل الله حاجي، القيادي في فيلق الشام.
و تتحكم الولايات المتحدة الأمريكية و كذا الحال بالنسبة لتركيا و الدول الداعمة، بفصائل معارضة من خلال الدعم المالي و العسكري، حيث تفرض عليها أجنداتها الخاصة، ملوحة بعصا قطع الدعم، و الاستهداف الجوي في حال مخالفة تلك الأجندات.
و يعتبر تشكيل هذا الجيش الكبير و الذي سيحظى بكل تأكيد بدعم عسكري قد يكون غير مسبوق، رسالة هي الأقوى و الأخطر لهيئة تحرير الشام، التي تعتبر قطبًا واحدًا من الأقطاب الثلاثة المسيطرة على الساحة في المناطق المحررة، إلى جانب أحرار الشام و الجيش الحر، القطبين الذين اندلعت بينهما و بين الهيئة (و جبهة فتح الشام التي تعد أهم مكوناتها) اشتباكات خلفت عشرات القتلى و الجرحى في أوقات سابقة.
و يرى قائد ميداني سابق في قوات المعارضة أنّ “أمريكا تريد من هذا الجيش أن تحارب هيئة تحرير الشام دون أن يكون لها تدخل عسكري مباشر، خصوصًا و أنّها مترددة في المغامرة بقواتها الموجودة في سوريا حتى الآن، و لا ترغب بذلك أصلًا”.
و تسعى الولايات المتحدة إلى تصفية قوات المعارضة السورية و صهرها لتكون قطبًا واحدًا تتعامل معه، يسهل ضبطه و توجيهه، كما فعلت ذلك مع الميليشيات الكردية، و إنّ هيئة تحرير الشام هي ما يقف أمام ذلك حتى الآن.