تستحوذ مسألة اللاجئين السوريين على اهتمام دول العالم من أقصاه إلى أقصاه نظراً لما يعانيه السوريون في بلاد اللجوء من أوضاع قانونية ومؤقتة ومعتمة سلبتهم حقوقهم الطبيعية في اللجوء وسط تصريحات عشوائية ومواقف غير واضحة من قضيتهم ما ضاعف أوضاعهم الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية سوءاً وبلغت مأساتهم حداً لا يطاق نظراً لما سببته حركات اللجوء من تبعات اقتصادية وسياسية واجتماعية وديموغرافية على كافة الصعُد الدولية.
وانطلاقاً من تلك المأساة التي يعيشها اللاجئون السوريون كانت الحاجة ضرورية لانعقاد المؤتمر العلمي الثاني بهدف بلورة رؤية مشتركة للباحثين والمختصين المشاركين فيه مع اختلاف ثقافاتهم وتنوع مشاربهم والارتقاء بواقعهم نحو الأفضل المأمول بأساليب بحثية علمية.
وبرعاية جامعة أديامان جنوب شرقي تركيا تنظم جمعية النهضة العلمية المؤتمر العلمي الدولي الثاني بعنوان “اللاجئون السوريون بين الواقع والمأمول” في 22- 21- 20 تشرين الأول المقبل.
وأعلنت جمعية النهضة النهضة على صفحتها في فيسبوك وعلى الموقع الرسمي لجامعة اديامان البدء باستقبال ملخصات البحوث المشاركة في المؤتمر محددة منتصف أيار/مايو المقبل كموعد أخير لاستقبال ملخصات البحوث المشاركة والأول من حزيران كموعد أخير للرد على الملخصات المقبولة ووضعت يوم 15 آب/أغسطس المقبل كموعد نهائي للرد على الأبحاث المقبولة في المؤتمر والتي تخضع لدراسة معمقة ونقاش من قبل الهيئة العلمية للتحكيم وعدد أعضائها 58 عضواً بينهم 27 بروفيسوراً والباقي ألساتذة جامعات.
وحددت اللجان المختصة في المؤتمر ضوابا المشاركة في تقديم البحوث الخاصة بالمشاركة في المؤتمر معلنة أن البحوث المشاركة تقبل باللغات العربية والتركية والإنكليزية.
وينطلق المؤتمر الدولي الثاني “اللاجئون السوريون بين الواقع والمأمول” بنسخته الثانية للعمل على صياغة وبلورة رؤية مشتركة للباحثين والمختصين المشاركين فيه من مختلف أنحاء العالم مع تنوع ثقافاتهم ومشاربهم، حول إيجاد حلول إيجابية لقضايا محددة في مجال تفعيل واستثمار هذه الدراسات والمقترحات لتطوير وترقية واقع اللاجئين السوريين بشكل أفضل.
ويناقش المؤتمر في جلساته العديد من قضايا اللاجئين السوريين ودورها في حياتهم اليومية وقضايا تتعلق باندماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها متضمنة تسعة محاور رئيسية تؤطر أعمال المؤتمر وتبحث ظاهرة عمالة الأطفال اللاجئين والدعم النفسي لهم ومسألة تعليمهم اللغتين العربية والتركية واللاجئون السوريون والتعليم ومشكلة التسرب المدرسي ومدارس اللاجئين والتعليم الجامعي وحقوق اللاجئات والعنف ضد اللاجئات وزواجهن وطلاقهن وعمل اللاجئات وتعلمهن.
ويطرح المؤتمر في أعماله أيضاً مسألة تكيف اللاجئين مع المجتمع والثقافة التركية والقيم الاجتماعية والثقافية ودورها في التعايش الإيجابي والواقع الديني وعوائق التأقلم الإجتماعي وتذليل العقبات وكذلك التطرق لدور الإعلام السوري والتركي والعربي والأوروبي في حياة اللاجئين السوريين والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والمسارح والمعارض والكاريكاتير ودور المنظمات والمؤسسات في دعم اللاجئين.
كما يسلط المؤتمر الضوء على اللاجئين والوضع القانوني لهم والجنسية التركية ومشكلات الإقامة والحماية المؤقتة للاجئين السوريين والأحوال المدنية وصحة اللاجئين السوريين وكافة الأمراض التي يتعرضون لها ورعاية الشيخوخة والمعاقين وواقع المراكز الطبية والمستشفيات بالإضافة إلى مشكلات عمل اللاجئين ودورهم في عملية التنمية الاقتصادية وحقوق اللاجئين العاملين ودور رجال الأعمال في التنمية.
وينبثق عن المؤتمر لجان تحضيرية وعلمية تضم أكاديميين ومختصين وجامعيين من 20 جامعة عربية وتركية.
وتأتي أهمية المؤتمر باعتبار أن قضية اللاجئين السوريين هي جوهر الحرب الباردة التي تشنها الامبريالية للهيمنة على المنطقة، وحلّ هذه القضية هي واحدة من أكثر القضايا الصعبة والمعقدة.
وقال رئيس جامعة أديامان التركية البروفيسور مصطفى طلحة غونللو في تصريح خاص لموقع مرآة سوريا اليوم الخميس 6 نيسان/أبريل 2017: ” تعد قضیة اللجوء السوري من أبرز قضایا التهجیر التي شهدتها المنطقة في القرن الواحد والعشرین، حیث بدأت فصولها الأولى منذ شهر آذار 2011 في بدایة حركة هجرة السوریین قسریاً إلى دول الجوار، وخاصة في عمق الحدود الأوسع مع الجارة تركيا، وأدت إلى تغييرات كبيرة ومثيرة في البنية الاجتماعية، ولا زالت تغير كامل موازين القوى في الشرق الأوسط مع عدم وضوح رؤية مستقبلية أو بصيص أمل أنها ستنتهي قريباً”.
وأشار طلحة غونللو إلى أن “تركيا المسلمة تواجه هذه التحديات بكل ما أوتيت من قوة؛ للتغلب على هذا الواقع المرير، وإيجاد حلول إيجابية جديدة؛ لأنها تعتبر اللاجئين السوريين إخوة لهم في الدين، وخاصة ضحايا الحرب من الأطفال والنساء والشيوخ، لكنها بذلك حملت مهمة ثقيلة، وخصوصاً عندما تخلَّت أوربا عن التزاماتها تجاه اللاجئين السوريين، فأرادت تركيا أن تلقن أوربا درساً في الإنسانية”.
ولفت رئيس جامعة أديامان إلى أن “المؤتمر العلمي الدولي الأكاديمي يسهم في إلقاء الضوء على أوضاع اللاجئين السوريين، وإيجاد حلول ومقترحات مهمة في مجالات الحياة كافة، الصحة والتعليم والتكيف الاجتماعي والثقافي، وتعليم اللغة، والتجنيس وغير ذلك”.
وأوضح طلحة عونللو أن ” جامعة أديامان نظمت بالتعاون مع جمعية النهضة العلمية مؤتمرها العلمي الدولي الأول: (اللاجئون السوريون بين الواقع والمأمول) عام 2016م، وقد أثمر المؤتمر الأول كثيراً، لذا رأينا أنه من الواجب علينا أن نعقد المؤتمر بنسخته الثانية هذا العام، ومناقشة ما لم يتم نقاشه في المرة السابقة، آملين تحقيق مكاسب كبيرة، وإيجاد حلول مفيدة للمشاكل المطروحة في بيئة علمية أكاديمية”.
وتقدم رئيس جامعة أديامان “بالشكر للعلماء والباحثين الذين شاركوا أولاً، والذين سيسهمون ويشاركون مستقبلاً في مؤتمر اللاجئين السوريين بين الواقع والمأمول الثاني”.
من جانبه قال رئيس جمعية النهضة العلمية السورية في تصريح خاص لمرآة سوريا إلى أن المؤتمر يستهدف واقع اللاجئ السوري ومشكلاته وآفاقه المستقبلية في جميع دول اللجوء،”ويلقي الضوء على أوضاع اللاجئين السوريين وقضاياهم، في التعليم والثقافة والصحة وغيرها، وتوفير ظروف معيشية أفضل لهم، مع تنفيذ القرارات التي اتخذت في المؤتمر الأول وذلك بتقديم مقترحات إلى الجهات المختصة للتغلب على هذه التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون” موضحاً أن المؤتمر يعكس “علاقات المنظمات والدول المختلفة بشأن حقوق اللاجئين السوريين والتبعات الأمنية والحقوقية والقانونية مع استعراض آخر التوجهات العلمية والأكاديمية التي تناولت موضوع اللاجئين السوريين، وإيجاد حلول إيجابية لمشاكلهم وهمومهم المختلفة”.
كما أن انعقاد المؤتمر في ظل هذه الظروف يساهم في “تمتين أواصر المحبة بين الشعوب في أزماتها ونكباتها ويسعى لتوفير فرص وإمكانيات ومقترحات لتأهيل اللاجئين السوريين وإيجاد الحلول الدائمة لهم” بحسب تصريحات النمر.
والمفترض أن يعمل المؤتمر على إصدار قرارات من الهيئات الدولية والمطالبة بوضع خطة واضحة لحل قضية اللجوء برمتها.
والجدير بالذكر أن محاولات ومبادرات الكثير من الباحثين في النسخة السابقة لمؤتمر “اللاجئين السوريين بين الواقع والمأمول” الذي عقد في أيلول من العام الماضي كانت قد نجحت في وضع معالجات متميزة لكثير من مشكلات اللاجئين السوريين من عدة محاور، وبعض المحاولات رأت النور على أرض الواقع وتمت ترجمتها بشكل عملي