اللاجئون السوريون ومدى تأثير الاستفتاء الشعبي في تركيا على أوضاعهم

بدأت صباح اليوم الأحد 16 نيسان/أبريل 2017 في جميع الولايات التركية عملية الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية التي اقترحها حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وكشفت استطلاعات الرأي تقدماً ملحوظاً لمؤيدي التعديل الدستوري الذي ينقل البلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي ما يجعل قبضة الرئيس التركي على البلاد أشد وبصلاحيات أوسع يعتبرها أردوغان نقلة نوعية على طريق مواجهة التحديات السياسية والأمنية المحيطة بتركيا.

ويرى مسؤولون أتراك أن تركيا بأمس الحاجة إلى إدارة قوية تنهي مراحل الانزلاق والخلافات وتزيل الشلل الذي يتغلغل في الدولة والنظام البرلماني الذي يحتاج إلى توافق حكومي معتبرين أن هذا اليوم مفصلي بالنسبة لتركيا وهو فرصة من أجل قوة الدولة واستمرارها.

في حين يعتبر معارضو التعديلات أنها خطوة غير جيدة ولا تناسب تركيا في ظل هذه المرحلة التي شهدت حملات أمنية واسعة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف تموز/يوليو الماضي.

أما الدول الأوروبية انتقدت الأسلوب التركي في التعاطي مع الأحداث الداخلية وما تبعها من حملات التطهير والاعتقالات والتوقيف عن العمل التي طالت مختلف مفاصل الدولة التركية ما أدى لتدهور العلاقات مع تلك الدول التي رفضت انضمام تركيا برئاسة أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي.

وازدادت العلاقات الأوروبية التركية توتراً وتصاعدت عقب منع إقامة تجمعات حاشدة لمؤيدي التعديلات الدستورية في دول أوروبية مثل هولندا التي منعت هبوط طائرة وزير الخارجية التركية على أراضيها وطردت وزيرة الأسرة من أراضيها ما دفع أردوغان لاتهام قادة أوروبيين بأنهم يتصرفون مثل النازيين والفاشيين.

وقال الدكتور وسام الدين العكلة أستاذ العلوم السياسية بجامعة أرتقلو في ماردين التركية:” أعتقد أن أجواء التصويت أو الاستفتاء ستكون هادئة نوعاً ما إن شاء الله خاصة وأن السلطات التركية اتخذت كافة الأحتياطات اللازمة ورفعت من درجة التأهب الأمني في أغلب المحافظات خاصة بعد ورود معلومات أو بعد تحذيرات من قبل بعض الجهات بمحاولة بعض المجموعات الإرهابية أو التنظيمات الإرهابية استغلال حالة الاستفتاء وتخويف الناخبين أو المواطنين من الذهاب إلى مراكز الاستفتاء وربما التشويش على هذه العملية من خلال إجراء بعض العمليات الإرهابية”.

وأضاف العكلة قائلاً:” لذلك نرى أن السلطات التركية اتخذت كافة الاحتياطات الأمنية ورفعت من درجة تأهب قواتها في أغلب المحافظات وخاصة التي شهدت عمليات إرهابية مؤخراً”.

وأشار العكلة إلى أن ” هذه التعديلات سوف يكون لها أثر سياسي وأمني كبير داخل تركيا وخارجها حتى في الملفات الإقليمية والدولية لذلك نرى أن هناك هجمة من الدول الأوربية ضد هذه التعديلات ومن قبل المجموعات التي تحاول تعطيلها سواء من قبل أحزاب المعارضة والمجموعات المرتبطة بها التي تحاول تمرير هذه التعديلات بشكل أو بأخر”.

ورداً على سؤالنا حول تأثير عملية الاستفتاء على الملف السوري أجاب العكلة:” لاشك أن الملف السوري سيتأثر في حال تم إقرار التعديلات وتم نقل النظام في تركيا إلى النظام الرئاسي لأن الحكومة ستكون لها حرية المناورة بشكل أكبر واتخاذ قرارات بشكل أسرع خاصة على صعيد العمليات العسكرية أو الأمنية خارج الحدود التركية.

ولفت د.العكلة إلى أن “هذه التعديلات عملياً ستدخل حيز التنفيذ في عام 2017 بعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة والانتخابات البرلمانية سيتم إجراء هذه الانتخابات حسب التعديلات الدستورية بالتوازي مع انتخاب أعضاء البرلمان وانتخاب رئيس جديد لتركيا وسيتم في عام 20019 دخول تركيا إلى حيز النظام الرئاسي إذا ما تم إقرار هذه التعديلات”.

وعن إمكانية تمرير هذه التعديلات الدستورية وفقاً للحملات الإعلامية والدعائية التي سبقت فترة الاستفتاء قال د. العكلة:” بكل الأحوال أنا أعتقد أن هذه التعديلات سيتم تمريرها إن شاء الله من خلال المواطنين الأتراك بسبب وجود وعي سياسي كبير لدى أغلب المواطنين الذين يدركون حجم المخاطر التي تواجه بلادهم وأن هذا التغيير بالنهاية سيصب في صالح المواطن التركي وفي صالح تركيا بشكل عام”.

وعن دور عملية الاستفتاء في أوضاع اللاجئين في تركيا قال العكلة:” بالنسبة لوضع السوريين داخل تركيا , بالطبع سيكون هناك بعض النتائج الإيجابية إذا تم إقرار هذه التعديلات وهي تتعلق بالمرونة أكثر من اتخاذ القرارات ومعالجة الملفات التي تواجه اللاجئين السوريين في تركيا وخاصة ملف التجنيس وملفات الأخرى التي تتعلق بالاندماج والتعليم والملفات المرتبطة باللاجئين السورين في تركيا وستكون حركة أو ديناميكية للحكومة التركية لمواجهة هذه المشاكل أو المسائل بدرجة ذات مرونة أكبر”.

أما بالنسبة لما يتعلق بموقف المعارضة التركية من وجود اللاجئين السوريين رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة أرتقلو أن “هذا الموقف لم يتغير منذ عام 20011 وهناك الجهات المعارضة أو الأحزاب المعارضة ضد قدوم السوريين الى تركيا ودخولهم وضد تقديم أي امتيازات لهم من قبل الحكومة التركية وهذا أمر تم استغلاله في العديد من الانتخابات التي جرت خلال السنوات الماضية في تركيا ودائماً يتم تصعيد ملف اللاجئين السوريين في تركيا خلال أو قبيل أي حملة انتخابية أو انتخابات لذلك أتوقع أن هذه الأحزاب لن تغير موقفها تجاه وجود السوريين في تركيا وستظل تعارض وجودهم ونعارض السياسة التي تتبعها الحكومة التركيا تجاه وجود السوريين واللاجئين بشكل عام في تركيا”.

وأوضح د. وسام الدين العكلة أنه “لن يكون هناك تغيير جدري بوضع السوريين لوجود قانون ينظم وجودهم هو “قانون الحماية المؤقتة” ولن يكون هناك تعديل كبير لكن أعتقد أنه سيكون هناك ربما تغيير في حجم الخدمات وربما سيكون هناك بعض التغيرات الطفيفة أو الجزئية ولن يكون هناك تغيير في صفة السوريين الموجودين في تركيا ,هم ضمن قانون الحماية المؤقتة ولن يتم تطبيق اتفاقية اللاجئين بحقهم لأن تركيا لديها تحفظ على هذه الاتفاقية وبالتالي هناك قانون خاص بوجود اللاجئين السوريين في تركيا وهو قانون الحماية المؤقتة ولن يطرأ تغير إذا ما تم تغيير سيكون تغيير طفيف جداً يتعلق بأسرع في حل المشاكل وتقديم بعض التسهيلات وربما بتعديل قوانين تسمح للسوريين الحصول على أذون عمل بشكل ميسر والاندماج بسوق العمل والاندماج في مجال التعليم ومواضيع أخرى”.

وتوقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة أرتقلو أنه وبشكل واقعي ” إذا سارت الأمور بشكل جيد وايجابي ستكون نسبة الاستفتاء على التعديلات تتراوح مابين 50 -60 % يعني بحدود 58% وليس أكثر مشيراً إلى “حجم الحملات الكبيرة التي أطلق عليها المعارضون “لا” للتعديلات الدستورية داخل تركيا وخارجها وهذا الأمر لاشك سيؤثر على شريحة معينة من الأتراك وسيدلون بأصواتهم ضد هذه التعديلات”.

ويحق لـ 55 مليون و319 ألفاً و222 ناخباً تركياً التصويت على الاستفتاء الدستوري السابع في 167 ألفاً و140 صندوقاً في جميع محافظات تركيا بينما خصصت الحكومة 461 صندوقاً لأصوات النزلاء في السجون.

وتوجه الناخبون الأتراك في بعض الولايات اعتباراً من الساعة السابعة صباحاً ومن المفترض أن يستمر لغاية الرابعة بعد الظهر في حين بدأ في ولايات أخرى عند الثامنة صباحاً ويستمر حتى الخامسة مساء بتوقيت تركيا.

وكان البرلمان التركي أقر مشروع التعديل الدستوري في 21 يناير/كانون الثاني الماضي والذي اقترحه حزب “العدالة والتنمية” الحاكم ويدعمه حزب الحركة القومية.

يذكر أن التعديلات الدستورية المقترحة تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات أوسع في البلاد وتتضمن زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب وخفض سن الترشح للانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاماً.

أضف تعليق