تقرير اجتماعي | فسخ خطوبته بها بسبب “لايكاتها” على فيسبوك – مرآة سوريا

غدا الواقع الافتراضي الذي توفره شبكة الانترنت للناس، جزءًا لا يتجزّأ من تفاصيل حياتهم اليومية، و تعدى الأمر أن يكون هذا الواقع مجرد إضافة يمكن الاستغناء عنها، مع ظهور طيف واسع من الأعمال المرتبطة بهذه الشبكة العنكبوتية، و التي قد لا يكون لها أي وجود مادي على أرض الواقع، كالعمل الإعلامي و التصميم و البرمجة و غيرها.

الواقع الافتراضي الذي يتزعمه عملاقا التواصل الاجتماعي، فيسبوك و تويتر، رمى بظله حتى على العلاقات بين الناس، و بات مؤثرًا إلى حد كبير على القرارات الناظمة للعلاقات الاجتماعية التي يتخذها الأفراد بين بعضهم البعض.

رغم أنّ الهوة ما زالت كبيرة بين شخصية الفرد الحقيقية و الشخصية التي يبديها على الفيسبوك أو تويتر مثلًا، إلّا أنّ مقاييس تقييم الشخص باتت توجب الاطلاع على حياته الافتراضية تلك.

يقول الباحث الاجتماعي العراقي رضا السدودي:”لا نستطيع القول حتى الآن أنّ المنشورات التي نشاهدها على صفحة شخص ما في أحد مواقع التواصل الاجتماعي تعكس تمامًا شخصيته الحقيقية”.

و يضيف السدودي في حديث لمرآة سوريا أنّ “الشخصية الافتراضية هي مجموعة من الضوابط التي يضعها الفرد لنفسه في منطقة العالم الافتراضي، و هي كتلك الضوابط التي يضعها و يلتزم بها عند طبيب الأسنان، أو في الملعب، أو على خشبة المسرح، أو في الشارع، أو في المنزل؛ تختلف باختلاف المكان”.

بات الخاطبون الجدد يتعقبون بعضهم بعضًا على نحو حثيث في العالم الافتراضي، و هذا ما يخلّف عادة الكثير من المشاكل التي ما كانت لتتأتى لو لم يكن “عالم الإدمان هذا”.

نوعية الأصدقاء التي يمتلكها الشخص على مواقع التواصل الاجتماعي، و التعليقات التي يكتبها، و الإعجابات التي يوزعها، متى و لمن، باتت كلها تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على علاقة الخاطبين أو المتزوجين بعضهم ببعض.

ترى يسرى باقي أنّ “اللايكات التي يضعها خطيبها محمد أعطتها فكرة وافية عما يحب و ما يكره، فباتت تتجنب ما استشفت أنه يغضبه سواء على الانترنت أو في اللقاءات المباشرة بينهما”.

و تقول يسرى:”منذ خطوبتنا قبل 9 أشهر و نحن على علاقة طبيعية، بالتأكيد لسنا متوافقين على كل شيء، و لكننا نسير بخطى سليمة في هذا، هو يتجنب ما أكرهه، و أنا أتجنب ما يكرهه أيضًا، و الفيسبوك ساعدنا كثيرًا على معرفة ما لا يحكى”، بحسب تعبيرها.

و تضيف يسرى التي تستعد لحفل زفافها في عيد الفطر القادم:”حدثت عدة مشكلات بيني و بين محمد، إحداها كانت بسبب إعجابات يضعها على منشورات البنات، هذا الأمر لا يعجبني بالتأكيد، لكنّ ثقتي به التي تكونت عبر 9 أشهر، تجعلني أخجل من نفسي حقًا عندما أفكر بهذه الطريقة”.

بينما يرى عبد الرحمن طرن، و هو نازح سوري من مدينة حمص، يقيم في مدينة إسطنبول، أنّ “أدء الشريكة على مواقع التواصل الاجتماعي أمر مهم جدًا و يساهم بشكل كبير في قرار تقبل هذه الشريكة أو رفضها”.

و يقول “طرن” لمرآة سوريا:”ارتبطت قبل سنتين بفتاة عن طريق الخطوبة التقليدية، حيث اختارتها لي والدتي، و بعد الخطوبة بدأت بالتعرف على شريكة حياتي، كان هناك الكثير من النقاط المشتركة، هي متفهمة و مثقفة، و توافقني في الكثير من الأمور، لكنني أبطلت الخطوبة بسبب أدائها على موقع فيسبوك”.

و يشرح طرن فيضيف:”في الحقيقة قد يبدو الأمر غريبًا للبعض، لكنني قررت فسخ الخطوبة بعدما شاهدت مدى انفتاح خطيبتي على موقع الفيسبوك، كان لديها الكثير من الأصدقاء الشباب في صفحتها، كانت التعليقات و الإعجابات متبادلة، و رغم أن وتيرتها خفّت بعد أن أخطرتها بان هذا لا يعجبني، إلا أن ذلك لم ينقطع، و اضطررنا لاحقًا إلى فسخ الخطوبة بسبب الفيسبوك”.

و يدافع طرن عن قراره، و يرى أنّ الخطوبة هي فترة تعارف الخطيبين، و فيها يحدد كل طرف مدى قابلية الطرف الآخر لأن يكون شريك حياته، و انفتاح الفتاة في التعامل مع الشباب هو من المحظورات لدى “طرن” و من المعايير الأساسية التي اتخذ وفقها قراره اللاحق بالزواج من شريكة حياته الحالية.

تقول سلام سعد الدين، أستاذة علم النفس في معهد الحياة الجزائري لعلم النفس إنّ 7% من المشكلات الزوجية تتسبب بها مواقع التواصل الاجتماعي، و هذه النسبة تزداد في كل يوم مع إقبال الناس المتزايد على هذه المواقع.

و تضيف سعد الدين في نشرة المعهد الشهرية الأخيرة:”لا يمكننا أن نهمش رغبات الشريك و نظرته لعلاقة شريكه في فضاءات الواقع الافتراضي، إنها كالدين و الأخلاق و الجمال و العمل، و كأي معيار أساسي معروف لاختيار ذاك الشريك”.

و تنصح سعد الدين المقبلين على الزواج بعدم تهميش دور نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي في التعامل مع الشريك، خصوصًا و أنّ ذلك “بات أمرًا أساسيًا يعتمد عليه الشركاء في تكوين آرائهم حول الشريك، و إن كانوا لا يبيحون بذلك صراحة”.

أضف تعليق