ازدياد أعداد السوريين المقيمين في تركيا في ظل انحسار تدفق المهاجرين إلى أوروبا

تختلف أحوال اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا نتيجة ازدياد أعدادهم عاماً بعد عام وفي ظل استمرار الحرب التي دفعتهم لترك بيوتهم مرغمين على الإقامة والسكن إما في مخيمات اللجوء على الحدود التركية السورية أو في قلب مدن وبلدات اختلفت توجهاتها وتغيرت مواقفها من التواجد السوري على أراضيها.

وتبقى الغربة وآلامها هي القاسم المشترك بين السوريين ممن يعيشون في خيام أو كرافانات والمقيمين في المدن والتجمعات السكنية داخل تركيا إلا أن ظروف سكان المخيمات مختلفة عن ظروف الذين استأجروا منازلاً في إحدى المدن أو القرى التركية واندمجوا في المجتمع التركي وعايشوه في حلوه ومره.

الفئة الأولى تشتكي من ندرة المال بين أيديها والافتقار إلى العمل ما يجعلها تتمسك بالإقامة في المخيم متحملة كل الظروف القاسية وأجواء تلك الخيام فتضطر للركض وراء المعونات الشهرية ومساعدات المنظمات والجمعيات الخيرية التي تتكفل بسكان المخيم رغم كثرة الشكاوى والتساؤلات حول نزاهتها ومساواتها بين اللاجئين.

وأما الفئة الثانية المنتشرة في عموم المحافظات التركية فتعيش حياتها في المعامل والورشات ولا تمضي إلا الوقت القصير مع عائلاتها وتعاني من طول ساعات العمل اليومي “12 ساعة على الأقل” ويقع البعض فريسة النصب والسرقة في نهاية أسبوعه بعد أن يتقاضى أجره الذي يعادل نصف أجر العامل التركي لكن “مجبر أخاك لا بطل”.

وينتشر الاستغلال في أجور العمال السوريين بشكل كبير في المدن التركية ما يجعل الكثير من اللاجئين السوريين متوجساً من مسألة العمل في ورشة زراعية أو معمل لا يضمن فيه حقوقه وأبسطها تقاضيه أجره كاملاً وفي حينه فارتفعت بذلك معدلات البطالة بين السوريين وانخفض دخلهم المادي إثر تزايد أعداد اللاجئين في تركيا وبحثهم جميعاً عن فرص عمل تسد متطلبات الحياة المعيشية.

ومع كل تلك المعاناة والقضايا التي تشغل بال السوريين في بلد اللجوء الذي أعلن سياسة الباب المفتوح على لسان رئيسه الطيب أردوغان لدوافع إنسانية وأخوية على حد تعابيره فإن السوريين الذين انخرطوا بين سكان المجتمع التركي يواجهون تحديات الاندماج الاجتماعي والتعليم واللغة في ظل التوجه الحكومي التركي نحو دمج أطفال السوريين في المدارس التركية وإغلاق المدارس السورية التي يتعلم فيها أطفال اللاجئين لغتهم الأم العربية.

وازدادت أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء المقيدين في تركيا بشكل طفيف في شهر نيسان/ أبريل الماضي ليصل إلى أكثر من 3.3 مليون شخص، فيما وصلت أعداد السوريين إلى قرابة 3 ملايين لاجئ، ونحو 310 آلاف لاجئ عراقي وأفغانستاني بحسب آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

ورغم الاستقرار النسبي في أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين طوال مدة سنة ونصف مضت إلا أن نطاق أزمة اللاجئين يتسع ويؤثر في قطاعات الخدمات الأساسية والبنية التحتية لتركيا بحسب ما ذكر التقرير الذي أكد تدني أعداد اللاجئين السوريين والمهاجرين الراغبين بالعبور إلى الدول الأوروبية رغم ارتفاع درجة حرارة الطقس وهدوء البحر.

وفي أبريل/ نيسان الماضي نجح 1156 مهاجراً في الوصول إلى اليونان بينهم 30٪ أطفال بينما تم إنقاذ والقبض على 1985 مهاجراً آخرين وهم يحاولون العبور عن طريق البر والبحر بحسب تصريح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ومع تشديد الدول الأوروبية إجراءات اللجوء ومنح الإقامات للاجئين السوريين والتعديلات على قرار لم شمل عائلات اللاجئين انكمشت أعداد المهاجرين وانحسر تدفقهم من الأراضي التركية وهذا ما جعل الكثير منهم يعيدون حساباتهم قبل المخاطرة بأرواح أبنائهم وأرواحهم بقصد اللجوء الذي بات مبهماً في دول لا ترغب باستقبال المزيد من اللاجئين.

من جهتها أنقرة نفت في الأيام القليلة الماضية ، الإدعاءات التي ترددت حول تقاضي اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها رواتب شهرية مؤكدة أن تلك الإشاعات مغرضة وأن الجمهورية التركية لاتدفع ولا فلساً واحداً من جيبها بحسب ما نشرت صحيفة حرييت التركية في الوقت الذي تقول فيه إحصاءات تركية رسمية أن أعداد اللاجئين على أراضيها وصلت إلى ما يقارب 3,3 مليون لاجى مع التزامها باتفاق الهجرة المبرم مع الاتحاد الأوروبي الذي يلزمها بالحد من تدفق اللاجئين عبر أراضيها مقابل تعهد الاتحاد بدفع مبالغ مالية تصرف على اللاجئين المقيمين في تركيا لتشجيعهم على البقاء في تركيا.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في الربع الأخير من العام الماضي عن تقديم دعم مالي لبرنامج مساعدة الاندماج الاجتماعي للأجانب بميزانية قدرها 348 مليون يورو بغية توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء وملبس لمليون لاجئ سوري ممن يعيشون خارج المخيمات في تركيا.

وكانت منظمة اليونيسيف منذ مطلع العام 2017 قد عملت بالتعاون مع ووزارة التعليم الوطني التركية على تدريب أكثر من 37 ألف مدرس تركي في 81 ولاية تركية سعياً منها لتوفير التعليم للأطفال السوريين.

وفي أواسط العام 2016 قالت المفوضية العليا للاجئين إن أعداد السوريين المقيمين في مخيمات اللجوء في تركيا بلغ قرابة 217 ألف لاجئ يقطنون في 22 مخيماً خصصتها الحكومة التركية في الولايات الجنوبية والجنوب شرقية.

والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي تعهد خلال القمة التركية الأوروبية المنعقدة في 299 نوفمبر/ تشرين ثان 2015 بتقديم 3 مليارات يورو لصالح اللاجئين السوريين في تركيا حتى نهاية 2017 كما تعهد خلال قمة ثانية انعقدت في 18 مارس/آذار الماضي بتقديم 3 مليارات إضافية حتى نهاية 2018 وذلك في حال نفاد الدفعة الأولى.

أضف تعليق