لم تعد العلاقات الزوجية تبنى فقط على حسن النية، بعد أن أثبت العلم أنه في مقدور المقبلين على الزواج كشف الأسرار الخفية للحبيب، والتنبؤ بمدى صدق مشاعره من زيفها.
وعلى الرغم من أن مشاعر وأحاسيس البشر غير ملموسة، ومن الصعب إيجاد وحدة قياس للحب، فإن الأبحاث الحديثة تؤكد أنه بإمكاننا تحديد درجات الحب كأي علامات حيوية أخرى مثل ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم.
واقترح الخبراء على النساء تتبع هرمون الحب المعروف علميا باسم “الأوكسيتوسين” في شرايين الرجال الذين يرغبن في الارتباط بهم، لأن وجوده من شأنه أن يؤثر على مجرى علاقاتهن الزوجية.
وأكد الطبيب النفسي لاري يونغ أنه مع مرور الوقت تصبح العلاقات الزوجية أقل حميمية، إلا أن ذلك لا يمنع الشريكين من التقبيل أو ممارسة الجنس أو النظر إلى بعضهما، وهذه الممارسات تؤدي إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يمنع من حدوث الطلاق.
وأشارت دراسة أجرتها جامعة بون الألمانية إلى أن هرمون الحب يعمل وبشكل كبير على توطيد العلاقات العاطفية، ويساهم في إنجاح الزواج واستقراره.
ويعتقد الباحثون أن وجود هذا الهرمون بشكل مرتفع لدى الرجال الذين تجمعهم بزوجاتهم علاقات غرامية يحفز لديهم الرغبة في إنجاح الأسرة وتحقيق الأهداف المشتركة، فيما رجح بحث سريري ركز على وظيفة خلايا الدماغ المتعلقة بالعاطفة، أن أفضل وسيلة للكشف عن أحاسيس المحب هو فحص دماغه بالرنين المغناطيسي. وحدد العلماء منطقة في الدماغ مسؤولة عن الحب أطلقوا عليها اسم منطقة “العزل الأمامي”، وهي التي تتحكم في قرارات عاطفة الحب التي يبديها البشر تجاه بعضهم.
الخبراء يقترحون على النساء تتبع هرمون الحب في شرايين الرجال الذين يرغبن في الارتباط بهم
وأظهر الكشف بالرنين المغناطيسي على بعض الأشخاص أن المنطقة المسؤولة عن النشاطات الجنسية، اكتسبت اللون الأزرق في حين اكتسب جزء الدماغ المسؤول عن الحب، اللون الوردي، لكن هذه المنطقة اكتسبت ألوانا متداخلة لدى المرضى، مما يوضح مدى تأثير المرض على مشاعر الإنسان المتعلقة بالحب والكره.
وأكد العلماء أن هذه النتائج من شأنها أن تعزز الآمال في القدرة على قياس مشاعر المحب في المستقبل عبر تحليل النشاط العصبي.
ولكن التأثيرات الكيميائية للحب يمكن أن تنتهي في فترة تتراوح بين 18 شهرا إلى أربع سنوات فيصبح من الصعب قياس مشاعر المحبين، لذلك رجح علماء من جامعة فلوريدا أن هناك اختبارا أكثر إجرائية وبمقدوره أن يكشف المنحى الذي ستؤول إليه العلاقات العاطفية.
وأكد الباحث جيمس ماكنولتي المشرف على الدراسة أنهم تمكنوا من كشف المشاعر الحقيقية للمتزوجين حديثا إزاء بعضهم البعض، مشيرا إلى أنها تكون في أغلب الأحيان عكس ما يفصحون به للناس أو حتى ما يعترفون به لأنفسهم.
وأوضح أن الاستجابات التلقائية الفورية تمثل أداة قوية جدا لتوقع ما إذا كان المتزوجون سيظلون سعداء أم لا.
ويرى أن رد الفعل اللاواعي للشريك أثناء وقوع عينيه على صورة شريكه قد يكون مؤشرا مفيدا لمستقبل الزواج.
وأجريت الدراسة على 135 من المتزوجين، طلب منهم الباحثون تقييم زواجهم ببعض الصفات الإيجابية أو السلبية.
وتضمن الاختبار إظهار صورة أحد الزوجين أمام الآخر لبرهة لا تتجاوز الثانية، ثم الرد في أسرع وقت ممكن.
العلماء يؤكدون أن هناك منطقة في الدماغ مسؤولة عن العواطف وهي التي تتحكم في قرارات عاطفة الحب
وقد تبين وفقا للردود المستقاة من هذه التجربة أن الأزواج الذين في حالة مزاجية إيجابية، قالوا كلمات إيجابية مثل “رائع” أو “مذهل” بصورة أسرع من الكلمات السلبية مثل “مخيف ومروع” والعكس صحيح.
وكما كان متوقعا فالإجابات الواعية للمتزوجين حديثا جاءت جميعها إيجابية تعبر عن سعادتهم الشديدة بعلاقاتهم، لكن ردود فعلهم التلقائية لاختبار الحب جاءت مختلفة بدرجة كبيرة مقارنة بتلك الإجابات الواعية.
كما أجرى الباحثون لقاءات مع نفس عينة الأزواج كل ستة أشهر على مدى السنوات الأربع التي تلت ذلك الاختبار، وتوصلوا إلى أن الشركاء الذين كانت لديهم ردود فعل تلقائية سلبية أصبحوا يعربون بشكل أكبر عن عدم سعادتهم مع مرور الوقت، حتى أن بعض الزيجات انتهت بالانفصال.
وقال ماكنولتي إن الاستجابة التلقائية قد تكون مؤشرا مفيدا ينبغي أخذه بعين الاعتبار.
وأضاف “أعتقد أن الوسيلة الأمثل ستكون الاهتمام بالردود التلقائية بشأن ما تشعر به إزاء رؤية صورة شريكك، ولا أعتقد أن ذلك يجب أن يكون العامل الوحيد الذي ينبغي للناس التفكير فيه، بل يجب أن يكون عاملا من بين تلك العوامل”.
ويبقى الطريف في ما توصل إليه العلم الحديث جهاز استشعار المشاعر الذي ابتكره معهد كوريا للعلوم والتكنولوجيا.
وأكد الباحث يونغ هو تشو “أن الجهاز كشف أن بعض الحالات العاطفية لها آثار خفية لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، لكن يمكن قياسها على الجلد من خلال التغير في معدل إفراز العرق مثلا أو درجة حرارة الجلد”، مؤكدا أن الأجهزة التي تقرأ المشاعر بصورة كاملة ليست موجودة حاليا، لكن هذا الجهاز يعد خطوة أولى في سبيل ذلك، وقريبا سيخول للعلماء قياس المشاعر البشرية بمختلف أنواعها.