زوكربيرغ تخلى عن مهمة جعل العالم أكثر انفتاحا

قضى مارك زوكربيرغ مؤسس شركة فيسبوك ورئيسها التنفيذي العشر سنوات الأخيرة من حياته للتأكد من أن مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي يعرفون ما يبدو عليه شكل أبناء أصدقائهم أو ما هي الميولات السياسية لزملائهم في العمل أو المدرسة الثانوية. لكن يبدو أن زوكربيرغ تخلى أخيرا عن خططه في “جعل العالم قرية مترابطة وأكثر انفتاحا”.

لقد أصبحت لدى الشركة الآن مهمة جديدة حيث يبدو أن المنصة قد تخلت عن فكرة جعل العالم أكثر انفتاحا واتصالا، وتريد الآن “جعل العالم أقرب معا”.

وجاء الإعلان الجديد على هامش حدث استضافته شركة فيسبوك الأربعاء لأول تجمع لمجتمعات فيسبوك الذي انعقد في مدينة شيكاغو الأميركية وضم المئات من المشرفين على المجموعات، أين جرى الإعلان عن مجموعة من المميزات الجديدة لدعم المجموعات والمجتمع على منصة التواصل الاجتماعي.

وتباهى مؤسس فيسبوك أثناء افتتاحه للحدث بوصول عدد مستخدمي المنصة إلى ما يقرب من 2 مليار مستخدم نشط شهريا، وأشاد بالدور الذي تلعبه المجموعات ضمن مجتمع فيسبوك، وشكر مدراء المجموعات الذين يقودون مجموعاتهم للأفضل، وأوضح المهمة الجديدة للمنصة التي سوف تتبعها على مدى العقد المقبل.

ويذكر أنه عندما أطلقت فيسبوك ميزة “مجموعات فيسبوك” في عام 2010، كانت أداة بسيطة لتبادل التحديثات مع الناس الذين تعرفهم شخصيا، مثل أفراد الأسرة أو فريق كرة القدم. والآن هناك مجموعات لكل مصلحة يمكن تخيلها، مع عدد قليل من الأعضاء أو مئات الآلاف من الناس.

مؤسس فيسبوك يتباهى بوصول عدد مستخدمي المنصة إلى ما يقرب من 2 مليار مستخدم نشط شهريا

ويمكن لأي شخص أن ينشأ مجموعة، ويمكن أن تكون عامة، مغلقة علنية، أو مخفية. كما يمكن للمشرف التحكم في ما يضاف إلى المحتوى.

وأوضحت فيسبوك أن جزءا كبيرا من المهمة الجديدة موكل لمدراء المجموعات الذين سيكونون قادة المجتمع الحقيقي على فيسبوك، لذلك أضافت المنصة العديد من المميزات الجديدة لمساعدتهم على النمو وإدارة المجموعات.

وأتاحت الشبكة الاجتماعية حاليا ميزة التحليلات، والتي تعمل على توفير العديد من المعلومات للمشرفين حول أمور مثل عدد مرات النشر من قبل الناس وأكثر الأوقات ازدحاما ضمن اليوم، كما يمكنهم قبول طلبات عضوية المجموعة أو رفضها على دفعات استنادا إلى الموقع الجغرافي أو الجنس أو عوامل أخرى.

ويمكن لمشرفي المجموعات حاليا جدولة المشاركات وإنشاء جدول زمني ملائم في يوم ووقت محددين، ويمكنهم في حالة إزالة أحد أعضاء المجموعة إزالة جميع المشاركات السابقة والتعليقات والتفاعلات الأخرى لهذا الشخص والأشخاص الآخرين الذين تمت إضافتهم إلى المجموعة من خلاله.

وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الشركة بتجديد مهمتها التي كانت في السابق “منح الناس القدرة على المشاركة وجعل العالم أكثر انفتاحا واتصالا”.

وأعرب زوكربيرغ في وقت سابق من هذا العام عن مخاوفه العميقة من أن العالم الآن ينجرف في اتجاه مضاد للعولمة.

وقال إن “الأخبار المزيفة ووجهات النظر المستقطبة وكذلك فقاعات الترشيح (تقديم نتائج موجهة ومختارة للمستخدمين من خلال محركات البحث على الإنترنت بناء على موقعهم واختياراتهم السابقة ما يتسبب بعزلهم عن المعلومات التي لا يتفقون معها) كانت تدمر التفاهم المشترك”.

وأوضح أيضا أن الناس تخلفوا عن اللحاق بركب النمو العالمي، ما أجج المطالب بالانسحاب من “العالم الاتصالي المتواشج”. وفي دعوة للتحرك، أكد زوكربيرغ على ضرورة عدم وقوف الناس مكتوفي الأيدي ومحبطين، بل يجب عليهم التحرك لتشييد “بنى تحتية اجتماعية”.

فيسبوك، الذي تبلغ قيمته السوقية حوالي 440 مليار دولار، يتحمل مسؤولية استخدام موارده الكبيرة للقيام بإنجازات

غير أن زوكربيرغ أكد في مقابلة مع قناة “سي إن إن” الأميركية ليل الأربعاء “كان لدينا شعور بأننا إذا استطعنا أن نفعل تلك الأشياء، فإن العالم سيكون أفضل من تلقاء نفسه”، مستطردا “لكننا ندرك الآن أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد، ومن المهم أن نعطي الناس صوتا، وأن نحصل على تنوع في الآراء، ولكن علاوة على ذلك، يتعين علينا أيضا القيام بهذا العمل من أجل بناء أرضية مشتركة.. بهذه الطريقة يمكننا جميعا التحرك معا”.

وقال “عندما بدأت فيسبوك، فإن مهمة ربط العالم لم تكن مثار جدل”. وشرح “بدت تلك المهمة كما لو أنها بديهية وأن الناس لديهم بالفعل تواصل، وفي كل عام كان العالم يزداد اتصالا ويبدو كما لو أن الأمور كانت تسير في هذا الاتجاه”.

كما نشر زوكربيرغ في فبراير الماضي رسالة مطولة من 5500 كلمة، كتبها حول مستقبل فيسبوك والاقتصاد العالمي.

واقتبس زوكربيرغ في رسالته مقولة الرئيس الأميركي أبراهام لنكولن، الذي تحدث عن الأداء المتناغم و”الاحتياجات الروحية”، والمشاركة المدنية، ويقول إن “الكثير من الناس فقدوا الأمل في المستقبل”.

وأضاف “لبضعة عقود وربما أطول، تخلى الناس عن فكرة أن اتصال العالم مع بعضه البعض سيجعل كل شيء يسير على نحو أفضل”.

أما اليوم فزوكربيرغ يعتقد أن لديه أداة لهدفه الجديد: مجموعات فيسبوك، والتي تستخدم الآن من قبل مليار شخص.

وقال زوكربيرغ للوري سيغال في شبكة سي إن إن في شيكاغو ليلة الأربعاء “إن الكثير مما يمكننا القيام به هو المساعدة في خلق المزيد من المناقشات المدنية والمنتجة حول بعض القضايا الكبرى”.

وتعتبر هذه المقابلة أول مقابلة معمقة للتلفزيون لمؤسس فيسبوك منذ عام 2012.

ويؤكد زوكربيرغ أن فيسبوك، الذي تبلغ قيمته السوقية حوالي 440 مليار دولار، يتحمل مسؤولية استخدام موارده الكبيرة للقيام بأشياء إيجابية. وقال “لهذا السبب يساعد على السيطرة على الشركة”. ويحتفظ زوكربيرغ بأغلبية حقوق التصويت في فيسبوك.

وكان فيسبوك الذي يمتلك الآن 1.9 مليار مستخدم حقق إيرادات تجاوزت 8 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2016.

يذكر أن المنصة بدأت في الأسبوع الماضي بنشر سلسلة من المشاركات لاستكشاف الأسئلة الصعبة حول أوجه القصور الموجودة ضمن المنصة في ما يتعلق بأشياء مثل الأخبار الزائفة أو عدم القيام بدور كاف لإزالة المحتوى المتطرف الذي تبثه الجماعات الإرهابية.

وأظهر تحليل نشره موقع بازفيد الأسبوع الماضي أن ما لا يقل عن 45 حالة من حالات الاغتصاب وإساءة معاملة الأطفال والقتل وغير ذلك من أعمال العنف الإجرامية، قد جرى بثها على خدمة فيسبوك للبث المباشر منذ شهر ديسمبر 2015.

ويبدو أن هذه القضايا هي ما دفع زوكربيرغ لإعادة النظر في مهمة فيسبوك.

أضف تعليق