مرتزقة التحرر

نعيش فى زمن الحضيض له شموخه الخاص والباطل له دولة تدافع عنه وتثبث أركانه، والشذوذ الفكرى له نوافذ إعلامية فى سماء الفضائيات تناقشه وتدعو إليه، ودعاة دين باعوا ضمائرهم بثمن بخس لإرضاء سلاطين العهر والفساد ،وفى وسط هذا الزخم اللا أخلاقى تعجز أن ترى وميض نور أو بارقة أمل تلوح فى الأفق لإصلاح ما أفسده دعاة الانفتاح والتحرر الفكرى ، عالم مصاب بإمساك مزمن من العصبية والتطرف وسرعان ما ينفجر مع كل قضية جدلية تظهر على الساحة ويزداد الشد والجذب بين مختلف الفرقاء على كل صعيد سواء كان سياسياً أو دينياً أو اجتماعياً دون الاتفاق على كلمة سواء أو الوصول إلى نقطة اتصال تحقق الإثراء والتنوع .

نعيش عصر المسميات والتصنيفات فهذا ليبرالى وهذا علمانى وهذا شيوعى وهذا إسلامى ،لكن العجيب فى الأمر أن غالبية هذه الفرق لا تعمل بما تدعو إليه!! يفقدون تماسكهم مع أول محطه اغراء يمرون عليها ،وينفرط عقد مبادئهم مع كل محنه يمرون بها حتى نتفاجأ بشخص أخر غير الذى كنا نراه على وسائل الإعلام يدعو للحرية والمساواة وحقوق الإنسان، وتنكشف حقائقهم وتنضح بواطنهم بما يخفونه فى صدورهم من كذب وافتراء، فلا نرى غير شخص هش، فارغ المبادئ والقيم يقتات بالكلمة ويرقص على جراح الأخرين ويتاجر بمآسي الضعفاء ؟؟

ولعلى أذكر هنا موقفاً من التاريخ الذى يثبت أن معظم من تقرع حناجرهم بدعوات كالحرية والديمقراطية والمساواة هم فى الحقيقة أول من يخالفوها إذا تعارضت مع مصالحهم وتسببت فى وقع الضرر عليهم ،فمواقفهم منها تختلف باختلاف أوضاعهم ومدى تأثرهم بها ،فإن كانت ستحقق لهم الثراء وتجعلهم فى مقدمة الصفوف تكن هى الحق والعدل وإن تصادمت مع مصالحهم وألحقت بهم الخسارة تكن الظلم والجور !! ذكر الكاتب مصطفى أمين فى كتابه مسائل شخصية قصة عن هدى شعراوى رائدة الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها واستقلالها والتى تعتبر من مؤسسين الدعوات النسوية فى المنطقة .

والقصة تقول أن ابن هدى شعراوى أحب فتاه تعمل فى الفن(أرتيست) واتفقا على الزواج عرفيا بموجب ورقة يحتفظ بها هذا الشاب ،سافر الشاب والفتاه ليقضوا وقتا سعيدا فى إحدى المناطق السياحية ، وفى يوم من الأيام أخبرته الفتاه أنها حامل ،فما كان منه إلا أن مزق الورقة وتهرب منها وقال لها هذه مشكلتك أنت !! فماذا فعلت الفتاه ؟؟ ذهبت الى السيدة هدى شعراوى نصيرة المرأة ..لكن ما حدث كان غير متوقع .فقد طردت هدى شعراوى الفتاه قائلةً هذه قضيتك وحدك .

خرجت الفتاه وذهبت الى محامى كبير ليثبت نسب الطفل، والسيدة هدى شعراوى وراءها تجهض بسلطاتها كل خطواتها، فاتصلت بسعد زغلول وكان رئيساً للوزراء وقتها لكنه رفض أن يتدخل.. فحاولت أن تقدم رشوة للقاضى لكنها فشلت ،فاتصلت بوزير العدل الذى اتصل بسعد زغلول وقاله له لا يصح ما تفعله السيدة هدى شعراوى ،فاتصل بها سعد زغلول وقال لها لابد من إنهاء هذا الموضوع بأقصى سرعة ،ومع إصرار الفتاه على أخذ حقها تم الاعتراف بنسب الطفل وساعدها فى ذلك الشبه الكبير الذى بين الطفل وأبيه. وهكذا سقطت نصيرة المرأة لأنها أرادت بخس حق امراة !! وما زال السقوط مستمر الى يومنا هذا ما بين داعية وصولى وليبرالى منافق وشيوعى كاذب.

بقلم : على الصاوى