قرر اللاجئ السوري “محمد علي” (36 عاما) بيع إحدى كليتيه لمواجهة ما تراكم عليه من ديون والتزامات مادية فرضتها عليه ظروف حياته الجديدة في خيمته في “البقاع” الغربي في لبنان.
قرار لم تكن تبدو عليه خبرة سن الأربعين أو حكمتها، ولم يكن مغلفا بتلك الرحمة التي طالما تمتع بها قلب ذلك الريفي “الحموي” القادم من ضفاف العاصي ونواعيره الخالدة قبل أن تقذف به ديونه وضائقته المادية في “حالة حصار” مزمنة تمكنت من تخدير وتهميش آخر ما بقي في عقله وقلبه من رمق الأمل.
قرار بدا عليه عاريا مهزوما خائفا وهو يتمدد داخل صفحة من صفحات التواصل الاجتماعي في هيئة إعلان يقول: “بعد إذن الأدمن شاب سوري مستعد للتبرع بكليه موجود في منطقة البقاع للتواصل واتس اب…”.
“زمان الوصل” تلقفت الرقم وتواصلت مع “محمد” صاحب العرض وسألته عن السبب الذي يدفع بإنسان لبيع أي من أعضائه.
جواب “محمد” لم يكن بحاجة لتغليف أيضا، فلقد ألقاه عاريا خائفا مهزوما على شاكلة قراره الذي ألقاه من قبل “بدي أخلص”.
“محمد علي” الذي يعمل “طيان بيتون” والمعيل لأربعة أطفال وأبوين عجوزين، وجد نفسه وبعد تعهده لورشة بناء أمام حالة “نصب” علنية وواضحة أغرقته في دوامة من الديون وصلت حدود 7 آلاف دولار كما يقول.
ربما تعرض “محمد” لتهديدات وضغوط قد مارسها عليه دائنوه كانت السبب في إجباره على اتخاذ مثل هذا القرار، لكنه فضل عدم ذكر ذلك حرفيا لخوف كان يسيطر عليه.
وعن الثمن الذي خصصه “محمد” لقاء بيعه لكليته أجاب بعد تردد كبير، وإجابته لم تكن عارية مهزوزة كسابقاتها هذه المرة، بل أتت مغلفة بعقلية ذلك الإنسان الريفي الرحيم، الباحث عن كفاف العيش وكف ألسنة الدائنين وحسب، لا بعقلية التاجر الجشع الباحث عن الكسب والربح والاستغلال.
* 10 آلاف دولار والبقية عليكم
وأوضح “محمد” طلب 10 آلاف دولار ثمنا لكليته مؤكدا أن “الباقي عليكم” في إشارة إلى من سيشتري.
واستفسرت “زمان الوصل” عن ماهية الرقم الإنسانية لا التجارية من خلال حالة والده العجوز الذي يعاني من وجود كتلة في الرأس وهو بحاجة لعملية كلفتها 3 آلاف دولار.
“محمد” لم يخبر زوجته ولا أولاده ولا أيا من أهله بما عزم عليه من بيع لكليته، كما أكد لـ”زمان الوصل”، وسيترك لهم بشرى الخلاص من ورطته مع الدائنين وتأمين تكلفة عملية والده العجوز مفاجأة قد تدخل لقلوبهم الفرح بعدما هجرها منذ سنوات.
ويطلب اللاجئ “محمد” من الله كما يقول، أن يخرج من غرفة العمليات سليما معافى ليتمكن من إجراء العمل الجراحي لوالده العجوز ومتابعة رسالته كأب في الكد أمام عائلته وتأمين كل ما يلزمها، هو مستعد الآن لتنفيذ عرضه وبيع كليته لأول متصل سيأتي محققا شرط التطابق في الزمرة الدموية وبقية الفحوصات، وكذلك مستعد أكثر من أي وقت مضى لتسديد فاتورة ديونه بقطعة من جسده، فألم الجسد، كما يقول، أهون ألف مرة من ألم الظلم والخنوع أمام جشع الدائنين.
المصدر: زمان الوصل