تستهدف الدول العربية المناوئة لقطر نقطة ضغط جديدة في خلافها مع الدوحة تتمثل في الأسرة الحاكمة وذلك بالسماح لوسائل الإعلام الرسمية بتصوير اثنين من الأمراء القطريين غير المعروفين يعيشان في الخارج على أنهما من رجال السياسة البارزين.
واعتبر كثيرون الدعاية التي أحاطت بهما طعنا في هيبة القيادة القطرية الحالية. فقد أشادت وسائل الإعلام في السعودية والإمارات العربية المتحدة بهذين الرجلين وبراعتهما في صنع القرار وقدرتهما على تسوية الخلاف.
ورغم إصرار السعودية والإمارات على أنهما لا تسعيان لتغيير النظام يبدو أن الدعاية تهدف إلى زيادة الضغط على الدوحة التي تتهمها الدولتان بالتدخل في شؤونهما الداخلية.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطعت علاقاتها السياسية والتجارية مع قطر في الخامس من يونيو حزيران واتهمتها بدعم الإرهاب والتقارب مع إيران. ونفت الدوحة تلك الاتهامات.
والرجلان المنتسبان لفرع من أسرة آل ثاني الحاكمة هما الشيخ عبد الله بن علي المقيم في لندن والذي يعيش الآن في الرياض وابن شقيقه الأصغر الشيخ سلطان بن سحيم. ويظهر الرجلان كثيرا الآن على القنوات التلفزيونية في السعودية والإمارات.
وامتدح الاثنان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وطالب الاثنان هذا الأسبوع بعقد اجتماع مع الأسرة الحاكمة في قطر لبحث الأزمة.
وقال الشيخ سلطان المقيم في باريس في بيان بثته قناة سكاي نيوز عربية ومقرها الإمارات ”لم يسبق لأهلنا في الخليج العربي وأشقائنا العرب أن نبذونا هذا النبذ وأغلقوا دوننا كل باب… بسبب سياسات الحكومة وتوجهاتها التي سمحت للدخلاء والحاقدين بالتغلغل في قطر وبث سمومهم في كل اتجاه حتى أوصلونا إلى حافة الكارثة“.
* اختبار المحظور
رغم أن الأميرين لا يقدمان نفسهما صراحة كبديل لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فإن المحللين يعتقدون أن ظهورهما المفاجئ يهدف لإضعاف موقفه وهي مهمة شاقة لرجلين لم يسمع بهما سوى قلة من القطريين حتى الفترة الأخيرة.
وقال جان مارك ريكلي رئيس قسم المخاطر العالمية في مركز جنيف للسياسة الأمنية ”لكي تنجح مثل هذه الاستراتيجية تحتاج لإيجاد بديل له قاعدة شعبية“.
وهذا التحرك ملفت للنظر لأنه يختبر فيما يبدو أحد المحظورات في منطقة الخليج.
فرغم أن عددا من الأسر الحاكمة في الخليج ومن بينها أسرة آل ثاني القطرية لها سجل في انقلابات القصور من النادر أن تتدخل أسر حاكمة من دول مجاورة في الشؤون الداخلية للأسر الأخرى خشية أن يكون ذلك حافزا للتدخل في شؤونها.
وقد فرضت الأزمة ضغوطا على الاقتصاد القطري وعلى إيرادات الشركات وأرغمت قطر على تغيير مسارات التجارة والنقل الجوي بما كبدها تكاليف باهظة بعد أن كانت الحركة تتم بيسر عبر أجواء الدول المجاورة ومياهها الإقليمية.
وردت الدوحة بزيادة حجم تجارتها مع تركيا وإيران لتحقق بذلك مكاسب دبلوماسية لبلدين تتنافسان مع الرياض وحلفائها على النفوذ الإقليمي.
وربما يكون رفض قطر الموافقة على 13 مطلبا منها إغلاق قناة الجزيرة الإخبارية وتقليص العلاقات مع طهران وطرد قيادات إسلامية من الدوحة قد دفع الدول الأربع لتوجيه أنظارها إلى الأسرة الحاكمة.
وقال أيهم كامل من مجموعة أوراسيا الاستشارية ”البيئة التي تصبح فيها قطر شريكا دائما لإيران وتركيا ستعتبر مشكلة كبيرة للقيادة في الرياض وأبوظبي“.
وأضاف ”الرباعية العربية مازالت تركز على الضغط على قطر للتسليم بأجزاء من المطالب الثلاثة عشر لكن التصلب القطري يشجع هذه الدول على النظر في خيارات أخرى“.