(ريف حلب-مرآة سوريا) بعد عدة أيام من المواجهات العنيفة التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة وسقط على إثرها العديد من المدنيين, تمكن لأول مرة فصيل معارض من هزيمة هيئة تحرير الشام “مكونها الرئيسي جبهة النصرة” وإرغامها ولو وقتياً على الانسحاب من العديد من المناطق التي أرادت السيطرة عليها.
مناطق ريف حلب الغربي التي شهدت اشتباكات عنيفة بين الطرفين, كانت قبل اندلاع النزاع مناطق مشتركة السيطرة, النزاع الذي تأخر طويلاً بعد أن ظهرت مقدماته خلال شهور بعد انفصال الزنكي عن هيئة تحرير الشام, ثم تسريب الحركة عبر شرعيها حسام الأطرش لمجريات الجلسات التي كانت تعقد بين أمراء الحرب في سوريا والمحسوبين على الفصائل المعارضة لنظام الأسد, ثم اتهامات متبادلة بالخيانة والسرقة والسطو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
قدرة حركة الزنكي على رد تحرير الشام, رأى فيها العديد من المراقبين حلاً لعقدة فصائل السلفية الجهادية, وكسراً لحاجز الرهبة الموجود عند أغلب مقاتلي الفصائل والذي تمكنت بفضله الفصائل الجهادية “بدءً من جبهة النصرة سابقاً ثم تنظيم الدولة وحتى أحرار الشام” منذ العام 2013 من السيطرة على مساحات شاسعة من المناطق المحررة, والتي تم تسليمها فيما بعد لنظام الأسد أو الميليشيات الانفصالية.
وخلال تلك السنوات كان السيناريو المتكرر في كل منطقة: نزاع على السيطرة بين فصيل محسوب على الجيش الحر وفصيل سلفي جهادي, يتحول النزاع لصراع مسلح مدفوع بفتاوى تكفيرية من شرعيي الفصائل الجهادية واتهامات بالخيانة للجيش الحر, في نفس الوقت مقاتلو الجيش الحر يرفضون القتال وحتى الدفاع عن أنفسهم بدعوى عدم قتل المسلمين, والنتيجة سيطرة الفصائل الجهادية على عتاد وأسلحة ومناطق نفوذ تلك الفصائل.
تمكن الزنكي -بشكل غير متوقع- من السيطرة على قرى تقاد وبسرطون وحاجز “تحرير الشام” على طريق تقاد–أبزمو و”الفوج 111″ ودارة عزة, وبحسب مراسل مرآة سوريا في ريف حلب الغربي فإن المقاتلين اندفعوا للقتال هذه المرة بدون تردد ضد -إخوة الجهاد- سابقاً لعدة اعتبارات أهمها تجانس فصائل الزنكي المناطقي وشعورهم بالخطر على حياتهم وأسرهم, اهتزاز الصورة الملائكية لمقاتلي التيار الجهادي والتي كانت تمنع السوريين من قتالهم, بالإضافة إلى رغبة الزنكي القوية باحتلال مكانة هامة في معادلة المناطق المحررة بعد التفاهم التركي-الروسي.
وبحسب مصادر مقربة من هيئة تحرير الشام طلبت عدم ذكر اسمها, فإن قيادة الهيئة تدرك خطورة تراجعها الميداني امام الزنكي, وأن هذا التراجع سيفتح الباب أمام عشرات الفصائل التي هاجمتها الهيئة من قبل للعودة والمطالبة بثأرها, وسيعطيها الجرأة لمهاجمة الهيئة بعد أن كان مجرد التفكير بذلك ضرباً من الخيال, كما أكدت المصادر أن الجولاني لن يترك الأمر يمر وسوف يركز كل جهود الهيئة للقضاء على حركة الزنكي في المرحلة القادمة بعد التقاط الأنفاس.
قد يكون من المبكر الحكم على سيناريوهات المرحلة القادمة, لكن العديد من المراقبين يقرون بأن الكرة الآن في ملعب الفصائل المناهضة لمنهج السلفية الجهادية, فإما ان تتابع التصعيد ضدها وإما ان تعطيها فرصة لإعادة بناء التحالفات وشحن المقاتلين والبدء بحرب الاستئصال من جديد.