(ريف حلب – خاص مرآة سوريا) القارئ لأحداث منطقة جبل الحص التي تحوي عشرات القرى المحتضنة لعشرات آلاف المدنيين خلال الأشهر الماضية، سيدرك متعجبًا أنّ السوريين اختلفوا على كل شيء و اتفقوا على خذلان “الحص”!.
جبل الحص هو منطقة جغرافية جنوبيّ حلب، ذات موقع استراتيجي بالنسبة لخريطة السيطرة الميدانية، و يحوي عشرات القرى الصغيرة المنتشرة والتي تصل ما بين ريف إدلب الغربي و ريف حلب الجنوبي.
تمكنت قوات النظام خلال الأيام الثلاثة الماضية من [tie_tooltip text=”الايوب، الفارس، الهلالات، وادي الصنوع، المفلسة، المدورة، رسم الزبيب، ابو جلوس، ابو عبدة، المعنكش، بلوزية، كفركار، بنان، برج اسامة، سحور، جب انطاش تحتاني، جب انطاش فوقاني، رسم عميش، الاسدية، الصالحية، شوكان، سويان، البناوي، حوير الحص، برج سبنة، الشهيد، جب جاسم، رملة، جديدة رملة، معيزيلة، نوارة، الثواليل، تل صبحة، ام غراف، ام غبار، تل احمر” gravity=”n”]السيطرة على 36 قرية في منطقة جبل الحص[/tie_tooltip]، تلا ذلك معارك ارتدادية من قبل قوات المعارضة، و رغم أن تلك المعارك أدت إلى استعادة السيطرة على أكثر من 20 قرية خلال 24 ساعة، إلا أنّ النظام عاد وثبت تواجده ممتدًا حتى تلة الضمان، والتي تبعد كيلو مترات قليلة عن مطار أبو الظهور العسكري بريف إدلب.
إهمال تدعيم الجبهات
منطقة جبل الحص كانت فعليًا تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، و يتواجد إلى جانبها القليل من الثوار أبناء المنطقة، و مع ارتفاع وتيرة المعارك في ريفي إدلب و حماه، قامت الهيئة بسحب عناصرها بشكل غير مفهوم من منطقة جبل الحص وفق ما أفاد به السكان ، فاستغل النظام ذلك و عاجل إلى شن هجوم مفاجئ أدى إلى اضطراب كبير في صفوف ثوار المنطقة، و تجاوزت مدرعات النظام 36 قرية خلال ساعات قليلة و دون مقاومة تذكر.
عاد عناصر هيئة تحرير الشام مع ثوار المنطقة وشنوا هومًا معاكسًا دحروا خلاله النظام من 20 قرية، إلا أنّ ذلك لم يستمر طويلًا، نظرًا لعدة أسباب أبرزها غياب السلاح الثقيل و التنظيم.
يقول أحد الأهالي لمراسل مرآة سوريا في حلب:”قبل هجوم النظام و منذ شهور طويلة، لم نر الأسلحة الثقيلة للفصائل في منطقتنا، الموجودون هنا يحملون بنادق آلية، و رغم خطورة الجبهة و أهميتها إلا أن أحدًا لم يع ذلك”.
“الحكومتان” همشتا الحص
على الجانب الخدمي و التنظيمي، غابت الحكومة المؤقتة المنبثقة عن الائتلاف الوطني السوري، و “حكومة الإنقاذ” المنسوبة لهيئة تحرير الشام، فلم تشهد المنطقة أية مشاريع تخديمية لآلاف العائلات الأهلية و النازحة.
يقول “أبو رامي” و هو ابن قرية “جب جاسم” في “الحص”:”الحكومات التي نقرأ عنها في فيسبوك لم نجد لها أي وجود في منطقة جبل الحص عمومًا، لم نشهد لها أية مشاريع تخديمية تعيننا على البقاء في منازلنا و تدعم آلاف العائلات النازحة من المناطق المجاورة الخاضعة لسيطرة النظام”.
و يضيف:”حتى على مستوى المستشفيات، لا يوجد لدينا في كل هذه المنطقة مشفى واحد حتى، يوجد نقاط طبية ميدانية بعدد محدود و إمكانيات لا تقوى إلا على وقف نزيف المصابين و الجرحى في أحسن الأحوال”.
و كذا الحال بالنسبة للمنظمات الإغاثية المختلفة التي تفضل العمل قرب الحدود التركية، على حساب مناطق التماس على الجبهات، كما قال “أبو رامي”.
غياب النشاط الإعلامي
إعلاميًا، لم تشهد المنطقة التغطية الإعلامية التي تشهدها بقية المناطق المحررة، فبينما تغص وسائل الإعلام العربية و الأجنبية بكافة أشكالها المرئية و المسموعة و المقروءة بأخبار إدلب و ريفها و ريف حلب الشمالي و الغربي، تغيب التغطية الإعلامية عن منطقة جبل الحص، بل إن كثيرين لم يعرفوا باسم “جبل الحص” إلا مؤخرًا مع تقدم قوات النظام و اقترابها من مطار أبو الظهور الواقع في ريف إدلب!.
يحمل “أبو رامي” الذي يقيم الآن في مخيم شيّد حديثًا في ريف حلب الغربي، مسؤولية إهمال الحص للناشطين الإعلاميين المتواجدين داخل سوريا، و خصوصًا في ريف إدلب الشمالي و الغربي، و يقول:”الكل يدرك أن التغطية الإعلامية لمنطقة ما تنبّه الجميع على وجوب التحرك في هذه المنطقة، و أنا أقصد تمامًا الفصائل العسكرية و الحكومات و المجالس و منظمات المجتمع المدني و الفرق الإغاثية و الطبية و غيرها”.
مضيفًا:”أهمل الإعلاميون منطقة الحص بشكل كامل، يمكنك ببساطة أن تشاهد يوميًا أخبار أصغر قرى المناطق المحررة الأخرى، و على العكس يغيب تمامًا جبل الحص بعشرات القرى التي تتسمّر فيه عن التغطية الإعلامية.. هذا نوع من قصور الإعلام السوري الحر”.
النظام يقترب من مطار أبو الضهور
استغل نظام الأسد جميع العوامل سابقة الذكر، و فتح جبهة “جبل الحص” تزامنًا مع معارك ريفي حماه و إدلب، و التي يرمي من خلالها إلى السيطرة على مطار و بلدة “أبو الضهور” على أقل تقدير.
و لم تنجح قوات المعارضة السورية المتناحرة في منع تقدم النظام بريف حماه الشمالي و ريف إدلب الجنوبي، و تقدم جيش الأسد وميليشياته إلى مناطق لطالما اعتقد الإدلبيون أنّ من المحال له أن يقترب منها.
إقرأ أيضاً: حرب الرايات في سوريا….من فريقك المفضل؟
و فيما تتبادل فصائل المعارضة الاتهامات، أطبق النظام “كماشته” على مطار أبو الضهور من جهتين، و هو الآن يقبع فوق تلة الضمان الاستراتيجية، التي تفصلها عن مطار أبو الضهور 4 قرى فقط، أولها قرية حميمات التي تحوي تلة تشرف مباشرة على المطار و بلدة أبو الظهور أيضًا.
و يهدف النظام في هذه الساعات إلى السيطرة على تلة حميمات، و بالتالي سقوط مطار أبو الضهور و بلدته ناريًا، و سيسهل حينها السيطرة على قرى “المجاص” و “شويحة البوعيسى” و “الحميدية” التي تأتي ملاصقة للمطار.
و حملت حركة أحرار الشام و فصائل معارضة أخرى هيئة تحرير الشام مسؤولية تقدم النظام على الجبهات، حيث قالت أحرار الشام في بيان نشرته قبل يومين إنّ تقدم النظام جاء من الجبهات التي تشرف عليها هيئة تحرير الشام، و أنها (أي الهيئة) تتحمل المسؤولية كاملة، فيما ترفض الهيئة هذه الاتهامات و تقول إنّها تبذل ما بوسعها لصد هجمات النظام دون أن تتلقى أي دعم من فصائل المعارضة الأخرى.
و في ظل تخبّط المعارضة و تبادلها للاتهامات، قال وليد المعلم قبل أسبوعين إنّ جميع الأراضي السورية “ستعود لحضن الوطن بما فيها إدلب”، و قد تداول إعلام النظام خلال الفترة ذاتها الكثير من الأخبار عن قرب “السيطرة على إدلب”، في إشارة إلى أنّ المعركة الحالية التي يشنها النظام لن تتوقف عند السيطرة على أبو الظهور، بل ستمتد إلى مناطق لم تكن في حسابات قادة الفصائل المعارضة إن لم تتمكن الأخيرة من وقف هجوم النظام وكسره.