(متابعة – مرآة سوريا) يراقب خبراء وسائل التواصل الاجتماعي عن كثب أثر التعديل الأخير الذي أعلنته شبكة فيس بوك الخميس، على صفحات وسائل الإعلام وعلى الدعاية في المنصة الرقمية الأكثر شعبية بالعالم. واللافت، أن المنشورات لن تظهر بعد اليوم بشكل تلقائي على شريط الأحداث لمستخدم يتابع صفحة وسيلة إعلامية أو ماركة تجارية، إلا إذا تداولها أقرباؤه.
قد يسفر التعديل الكبير في شريط الأخبار الذي أعلنته فيس بوك دون سابق إنذار لإعادة التركيز على أخبار الأقارب والأصدقاء عن ضحايا هي وسائل الإعلام الأكثر تعويلا على شبكات التواصل الاجتماعي، فيما تتساءل وكالات الإعلان عن النوايا الفعلية الكامنة وراء قرار من هذا القبيل.
فقد قالت شبكة فيس بوك التي تحولت لمنصة تنشر فيها المحتويات على أنواعها، من الإعلامية إلى تلك الترويجية والتجارية والتي لم تعد شديدة الجاذبية في نظر الجيل الشاب، إنها تريد العودة إلى أصلها، أي أن تكون منصة اجتماعية أولى أولوياتها نشر مضامين أفراد العائلة والأصدقاء.
فتغير النهج هذا قد يزعزع النموذج الاقتصادي السائد في أوساط عدد كبير من وسائل الإعلام التي تعتمد اعتمادا تاما على جمهور فيس بوك وتجني الأرباح من الإعلانات على الإنترنت.
ويقول نيكولا رفعت من مكتب المشورات “بيرينغ بوينت” إن “وسائل الإعلام المدمجة في المنصات قد تكبدت أصلا خسائر من جراء قرار فيس بوك لجم “مصائد النقرات” وهي ستعاني الآن المزيد من الأضرار”.
ويؤكد جيريمي روبيول مدير الدراسات لدى “كزيرفي” أن “الأمر هو بمثابة تشكيك في علة وجود وسائل إعلامية مثل بازفيد وكونبيني وبروت وإليفنت”.
صفحات وسائل الإعلام على فيس بوك
أما بالنسبة إلى “وسائل الإعلام التقليدية التي تنشر جزءا من محتوياتها على فيس بوك لزيادة شعبيتها، فإنها قد تخسر إيرادات إعلانية طائلة”. فقد تضطر وهي التي انتقدت بشكل لاذع أداة “إنستنت آرتيكلز” التي قدمتها فيس بوك للسماح للمحررين بنشر مقالاتهم مباشرة على المنصة لكن عائداتها الإعلانية قليلة، إلى أن تحد من تعاونها مع أكبر شبكة اجتماعية في العالم.
فالمنشورات لن تظهر تلقائيا على شريط الأحداث لمستخدم أعرب عن إعجابه بصفحة وسيلة إعلامية ما أو ماركة تجارية، إلا إن جرى تداولها من قبل أقربائه.
غير أن جوان هوفناغل، المسؤول السابق في صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية الذي عين مديرا للتحرير في موقع”لوبسايدر” الجديد القائم بالكامل على خدمات التواصل الاجتماعي، لم يفقد الأمل. وصرح “استبقنا الأمر إذ كنا نعرف أنه سيحدث… ولا بد من النضال لتحصيل التزام فعلي لتداول المقالات والتعليق عليها من قبل المستخدمين”.
ويحدو الأمل أيضا غييوم لاكروا مدير “بروت” الذي يكشف أن 90 بالمئة من نطاق انتشارنا قائم على تشارك المحتويات في أوساط المستخدمين. من ثم، فإن المعادلات الحسابية التي تعطي الأولوية للمضامين التي تولّد تفاعلات كثيرة هي لمصلحتنا”.
ركود العائدات الإعلانية!
ويلفت أوليفييه إرتزشيد الأستاذ المحاضر في علوم الإعلام في جامعة نانت في فرنسا إلى أن “فيس بوك تشهد أزمة كبيرة في ما يخص صورتها منذ أشهر عدة”، في ظل انتشار الأخبار الزائفة واتهامها بالتسبب بحالات إدمان، ما قد يبرر قرار المجموعة استعادة السيطرة على الوضع.
ويردف قائلا “لكن هناك أيضا مشكلة أخرى ألا وهي ركود العائدات الإعلانية. وبات يتوجب على الراغبين في الحصول على مزيد من الشهرة أن يدفعوا مقابل ذلك”.
ولا يزال من الصعب تقييم الأثر على الإعلانات في شبكة التواصل الاجتماعي، إذ إن هذا القرار باغت الأوساط برمتها.
ويقول رونو مينيرا رئيس جمعية “موبايل ماركتينغ أوسييشن فرانس “الفرنسية إن “فيس بوك لن تقوم بخطوة انتحارية” تقضي بالتخلي عن الإعلانات التي تشكل 97 بالمئة من عائداتها.
ومن الممكن إثر هذا التعديل في النظم الحسابية أن تعاود شركات فتحت صفحات على “فيس بوك” معولة على هذه الوسيلة الترويجية الجديدة للتعريف على منتجاتها، النظر في استراتجياتها.
ويشير فريديرك مارتي-ديبا المدير العام لمجموعة “بيرفورميكس” وهي وكالة إعلام تابعة لمجموعة “بوبليسيس” لشبكات التواصل الاجتماعي إلى أن “القرار منطقي بالنسبة إلى المستخدمين، لكن وسائل الإعلام والترويج قد تكون الخاسر الأكبر منه. وقد يضيق نطاق انتشارها ويتوجب عليها زيادة ميزانياتها”.