لقاء خاص مع الطبيب “المرابط” شقيق الطبيب “شهيد مشفى القدس”

من بين آلاف المجازر التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين خلال سنوات الحرب الخمس, ستبقى مجزرة مشفى القدس في حي السكري بحلب من المجازر المؤثرة في وجدان الشعب السوري, لما حملته من دلالات العجز والألم ,وتخاذل المجتمع الدولي حتى عن حماية المستشفيات التي يحرم استهدافها في جميع الشرائع السماوية والقوانين الأرضية.

ومن بين عشرات ضحايا المجزرة المروعة, سيظل اسم “طبيب الأطفال” الدكتور محمد وسيم معاز في ذاكرة السوريين كمثال حي عن التضحية والفداء لطبيب رفض كل مغريات الهجرة وظل مرابطاً في بلاده حتى قضى نحبه وهو يقوم بواجبه تجاه المرضى في مدينة حلب.

موقع مرآة سوريا حاول تسليط الضوء على هذا الطبيب “الظاهرة”, والتعرف عن قرب على البيئة العائلية والاجتماعية التي جاء منها “سيد شهداء أطباء سوريا” كما أطلق عليه العديد من نشطاء الثورة.

مراسل الموقع في حلب جمعة علي قابل الدكتور بكري معاز شقيق الدكتور وسيم ووجه إليه بعض الأسئلة:

هل يمكن أن تعطينا لمحة عن العائلة التي خرج منها عدة أطباء مازالوا مرابطين في حلب رغم القصف؟

نحن من عائلة بسيطة تشبه 90 بالمائة من السوريين, والدي الذي يعمل في الخياطة ووالدتي ربة المنزل, رزقا بثلاثة أبناء من الذكور واثنتين من الإناث, أنا الأكبر طبيب عظمية والشهيد وسيم هو الأوسط طبيب أطفال وأخي الأصغر حسام طبيب عينية.

حدثنا عن الدكتور وسيم وتحصيله العلمي:

تخرج الشهيد وسيم رحمه الله من كلية الطب عام 2004م, وفي عام 2008م أتم دراسة الماجستير في جامعة حلب ليؤدي خلالها ما يسمى بـ”الخدمة الإلزامية”, وخلال هذه الخدمة حصل على منحة لإكمال اختصاص في أمراض الدم عند الأطفال في فرنسا حيث بدأ بتعلم اللغة الفرنسية, وفور انتهائه من تعلم اللغة اندلعت الثورة فترك المنحة والتحق بالأطباء العاملين في حلب الشرقية لإنقاذ أرواح الأطفال بعد هروب أطباء الأطفال من حلب المحررة, وعمل في مستوصف في حي الهلك حوالي السنة, ثم تعرض المستوصف للقصف المباشر وهو بداخله لكن الله سلم ولم يصب وسيم بأذى لكن المستوصف خرج من الخدمة , ومنذ تلك الأثناء كان الدكتور وسيم يعمل أيضاً في مشفى القدس وبعد قصف مستوصف الهلك أصبح يعمل أيضاً في مشفى الأطفال التخصصي “الحكيم في الشعار”, وحتى لحظة استشهاده كان يعمل صباحاً في مشفى الأطفال ومساء في مشفى القدس.

كان أخي رحمه الله مثالاً للشخص الخلوق المهذب المتفاني في عمله, وكان مصراً على البقاء حتى النصر أو الشهادة التي نالها بإذن الله عز وجل.

دكتور بكري…كطبيب مرابط ماهي رسالتكم للإطباء الذين غادروا سوريا؟

نتمنى ليس من الأطباء فقط, وإنما من المثقفين والعلماء وحتى كل فئات المجتمع العودة للبلاد والبدء بإعمارها لأن بقاء الناس بجانبنا يثبتنا ويشعرنا بالقوة.

الأطباء سابقاً كانوا يزورون البلاد , يثبتوننا ويعلمونا ما هو جديد فنسنتفيد من خبراتهم, لكن الآن بعد إغلاق الحدود وازدياد وتيرة القصف لم أحد يؤازرنا نهائياً….

أنا أذكر أنكم دفنتم أخيكم بسرعة وعدتم للعمل فور انتهاء مراسم الدفن …ماهو شعورك في تلك اللحظات؟

عندما كانت جثة أخي رحمه الله ماتزال في الإسعاف وكنا نحضر لدفنه, جاءت مجزرة من الكلاسة فتركت حزني وجثة أخي ماتزال امامي وذهبت لإسعاف المصابين, ثم توجهنا للدفن وبعد انتهاء مراسم الدفن بساعة كنت في غرفة العمليات من جديد.

وختم الدكتور بكري المعاز كلامه قائلاً : في قلبي حزن شديد ,و لكن الحزن لن يمنعني من إنقاذ حياة مريض بحاجة لي أعتبره أخي او أبي او ابني, الحزن لن يجعلني أفقد حياة مريض بين يدي

 

مكان استشهاد الدكتور محمد وسيم معاز:

أضف تعليق