أثار إحراق إدارة معبر باب الهوى , يوم أمس الإثنين, لشحنة حليب تقدر قيمتها ب400 ألف دولار, اتهامات لتلك الإدارة بالقيام _بعمل غير مشروع على حساب الأطفال السوريين _ وذلك من قبل القائمين على جمعية بردى الإغاثية التي وردت الشحنة.
وكانت نقطة الخلاف الرئيسية, والتي قامت إدارة معبر باب الهوى بناء عليها بإحراق الشحنة, هو وجود ملصقات على عبوات الحليب, تظهر عليها تواريخ انتهاء للصلاحية, حيث أخفت تلك الملصقات تواريخ انتهاء صلاحية أخرى كانت قد نقشت على العبوات المعدنية مباشرة, حيث تظهر تلك التواريخ “المخفية”انتهاء صلاحية استخدام عبوات الحليب المنتجة من قبل الشركة الألمانية:
موقع مرآة سوريا حاول التواصل مع وجهتي النظر المختلفتين للإضاءة على الموضوع, وبسبب عدم تمكن الموقع من التواصل مع أحد المسؤولين عن جمعية بردى للأعمال الإغاثية, فقد قام الموقع بتحليل الأدلة والوثائق التي أوردتها الجمعية على صفحاتها الإعلامية .
ماذا قالت جمعية بردى:
فقد نشرت جمعية بردى للأعمال الإغاثية على صفحتها عبر موقع الفيسبوك, منشوراً اتهم فيه إدارة معبر باب الهوى بالقيام بإحراق شحنة الحليب دون التواصل مع الشركة الألمانية المصنعة “هومانا”, وقالت الجمعية إن الشركة قامت بتغيير تواريخ انتهاء الصلاحية “بناء على اختبار تحت رقابة هيئة الصحة الألمانية” , كما فندت الجمعية اتهامات إدارة المعبر حول الشهادات الصحية مدعية عدم صحتها ومؤكدة امتلاكها “تأكيدات من دائرة بلدة هيرفورد الألمانية بأن السلع متوافقة مع القانون الغذائي الألماني”, دون أن تظهر تلك التأكيدات ومطالبة في الوقت نفسه كل من يملك شكاً حول الشهادات الصحية بـ” التواصل مع طبيب الصحة الألماني المسؤول في هيئة الصحة الألمانية”.
وفي الوقت الذي اعترفت فيه الجمعية بعدم امتلاكها لأي “تأثير” على وضع الملصقات, فقد أرفقت تصريحها بمجموعة من الوثائق من الشركة المصنعة تأكيداً لوجهة نظرها, كما قامت الجمعية بترجمة ما أسمته بـ ” القوانين المتضمنة في صفحة المكتب الفيدرالي لحماية المستهلك والأمن الغذائي الألماني”
أدلة في غير محلها :
وبالنظر في محتوى تلك الوثائق والترجمات التي أوردتها الجمعية, وبالذات في البريد الإلكتروني الوارد من “الدكتور يورغ ريتماير”, مدير قسم الجودة في شركة “هومانا”, يلاحظ أن عملية تغيير تواريخ انتهاء الصلاحية قد تمت تحت رقابة قسم التطوير والجودة في الشركة المصنعة نفسها , وليس تحت رقابة “هيئة الصحة الألمانية” كما قال منشور جمعية بردى الإغاثية, ورغم أن الدكتور “ريتماير” قال إن هذا الإجراء “عملية اعتيادية تتطابق مع القوانين الأوروبية, وتتم على مسؤولية المصنع وهي مسموحة رسمياً” فإنه لم يرفق أي نص قانوني حول هذه النقطة بالذات أو حول إشراف جهات صحية –ألمانية- رسمية على تغيير التواريخ كما نوه بيان جمعية بردى
وبالتدقيق أيضاً في الترجمة العربية للقانون الألماني ذو الصلة, والتي أوردتها الجمعية على صفحتها – لم يتمكن موقع مرآة سوريا من التأكد من الترجمة- فقد لوحظ وجود –سوء فهم – قد يعزز وجهة نظر إدارة معبر باب الهوى في النص الذي اوردته الجمعية للتدليل على صحة موقفها.
ولتبيين سوء الفهم , يجب إحاطة القارئ الكريم بوجود فرق علمي بين مصطلحي “الحد الأدنى للصلاحية” وهو يعني الحد الذي تحتفظ ضمنه المادة الغذائية بخواصها وفعاليتها, وبين “تاريخ انتهاء الصلاحية” وهو التاريخ الذي قد تصبح المادة الغذائية بعد تجاوزه “فاسدة” .
وبعد هذه الإحاطة, وبالنظر إلى الترجمة العربية للقانون الألماني والتي أوردتها جمعية بردى, فإن الحديث عن إمكانية تغيير التواريخ من قبل الجهة المصنعة كان في حالة تغيير “الحد الأدنى للصلاحية”, في حين أن ماقامت به الشركة الالمانية المصنعة هو تغيير “تاريخ انتهاء الصلاحية” وهو ما لم يأت على ذكره النص المترجم بالكامل.
الدكتور جمعة عمر “صاحب قرار الإتلاف” يتحدث إلى مرآة سوريا:
وبالانتقال إلى وجهة النظر الأخرى, فقد أصر الدكتور جمعة عمر “المشرف على مخبر الحجر الصحي في معبر باب الهوى” على “قانونية” الإجراء المتبع من قبلهم من حيث إتلاف شحنة الحليب.
وقال الدكتور جمعة لموقع مرآة سوريا :” الشركة مارست على المنظمة عملية غش, هذا هو التوصيف, لم يكن يعلم اصحاب المنظمة بان تعديلات اجريت بحسب كلامهم, فنحن درسنا الحيثيات وتوصلنا لقرار عدم قبول التعديل بتاريخ اﻹنتاج واعتبار التاريخ المطبوع هو النظامي”
كما أكد الدكتور جمعة “عدم وجود أي وثيقة رسمية تفيد بأن الشركة المصنعة أعلمت الحكومة الألمانية بالتعديل” , منوهاً إلى أن وجوب إعلام إدارة المعبر بهذا التعديل أمر بديهي “كون السوريين من سيستخدم الحليب في النهاية” وهذا مالم يحدث حتى تم اكتشافه من قبل إدارة المعبر على حد قول الدكتور جمعة.
ونفى الدكتور جمعة عمر لموقع مرآة سوريا أن تكون إدارة معبر باب الهوى قد اتهمت إيران بالضلوع في إرسال الشحنة حيث قال ” نحن لم نذكر ضلوع ايران والبيان واضح. نحن قلنا إن الشحنة مصنعة تحت اشراف وزارة التجارة اﻷيرانية مما يعني أن ايران هي من يجب أن تستلم الشحنة”
وقد حاول موقع مرآة سوريا طرح وجهة نظر العديد من النشطاء حول قرار إتلاف الشحنة, فيما يتعلق بإمكانية مراعاة ظروف الواقع السوري وتجاوز تلك الشروط عن طريق إجراء تحليل لعينات عشوائية من الحليب في أحد المخابر التركية للتأكد من “فساد شحنة الحليب” قبل اتخاذ قرار الإتلاف, فجاء جواب الدكتور جمعة عمر في سياق أن لجنة الحجر الصحي تصرفت وفق “القواعد العلمية” وأن “التحليل الكيميائي لا يغطي على تاريخ الصلاحية على حد قوله”
وفي سياق متصل فقد أكد الدكتور جمعة تلقيه العديد من التهديدات بالحرق والقتل ,نافياً في الوقت نفسه وجود أي تأثير للفصائل العسكرية المسيطرة على المعبر على أداء اللجنة العلمي.
خلاصة البحث:
وبالاطلاع على الادلة والوثائق المقدمة من الطرفين, وبالتشاور مع بعض المختصين, فقد توصل موقع مرآة سوريا لبعض النقاط فيما يتعلق بإتلاف شحنة الحليب:
- إن الخطوة التي قامت بها سلطات الحجر الصحي في معبر باب الهوى هي خطوة صحيحة وفق المعايير العلمية المتبعة في مختلف أنحاء العالم.
- إن الوثائق التي قدمتها إدارة الجمعية, لا تحتوي أي دليل واضح على أن عملية تغيير “تاريخ انتهاء الصلاحية” قد تمت بموافقة مباشرة من السلطات الصحية في بلد المنشأ “ألمانيا”
- وفقاً لظروف الواقع السوري, وخصوصاً في ظل استخدام العديد من المواد الغذائية وحتى الأدوية المنتهية الصلاحية في سوريا بسبب ظروف الحصار ونقص الإمدادات, كان من الممكن أن تقوم السلطات الصحية في المعبر, بتحليل عينات عشوائية من شحنة الحليب, في أحد المخابر التركية ,وذلك للتأكد من فساد الشحنة قبل إتلافها, مع العلم أن هذه الخطوة ليست ملزمة من الناحية العلمية