لم تسلم بلدة الأتارب التي أتعبت أهلها و منازل سكانها البسطاء حربٌ تمضي في عامها الخامس على وقع مجازر يومية، من فكر القتل الممنهج الذي يقوده الطيران الروسي إلى جانب طيران الأسد في سوريا.
حيث تعرضت البلدة إلى غارات جوية ليلة أمس، وضعت اسمها على قوائم مناطق المجازر الحديثة التي يرتكبها الطيران الروسي في الشمال السوري.
و قال جمعة علي، مراسل مرآة سوريا في حلب، إنّ عدة طائرات روسية رصدت الليلة الماضية بلدة الأتارب، و شنت غارات جوية عديدة، استهدفت بشكل خاص المدنيين في الطرقات، أدت إلى مقتل و جرح العشرات.
و أوضح مراسلنا أنّ الطائرات الروسية حلقت في سماء البلدة و استهدفت حركة الآليات و المدنيين في الشوارع، مشيرًا إلى استخدامها لصواريخ فراغية في قصفها.
و كشف صباح الاثنين 25 تموز/يوليو، عن مقتل 16 مدنيًا، و جرح أكثر من 50 آخرين، بينهم أكثر من 30 طفلًا و امرأة، تم نقل بعضهم إلى المشافي التركية بسبب خطورة إصابتهم.
و تأتي مجزرة الأتارب على وقع مجازر مستمرة يرتكبها الطيران الروسي في مدينة حلب، و في أريافها الغربي و الشمالي و الجنوبي.
و يقول مصدر معارض مطلع لموقع “مرآة سوريا”، إنّ حملة القصف الجوي المكثفة التي بدأها الطيران الروسي قبل أيام، و ما زالت مستمرة، تأتي في خانة الضغط على جبهة النصرة لفك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وفق اتفاق دولي غير معلن.
و يضيف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أنّ شخصيات معارضة معروفة، بعضها شخصيات في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة و المعارضة، تم إبلاغها بخطة تهدئة مرتقبة، يشترط فيها فك ارتباط النصرة بتنظيم القاعدة.
و تستغل روسيا التي تقول إنّ حربها في سوريا ضد الإرهاب، و تدعي أنّ أهدافها منها لا تنحصر في حماية شخص بشار الأسد، إنما حماية المؤسسات و الدولة، تستغل دماء المدنيين في حلب و إدلب، كورقة ضغط على جبهة النصرة، لفك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
و شكّلت المجازر الأخيرة التي ذهب ضحيتها مئات المدنيين في حلب و إدلب، عامل ضغط بالفعل على الجبهة، التي تصنفها معظم دول العالم على أنّها منظمة إرهابية لارتباطها بتنظيم القاعدة، خصوصًا مع تصاعد أصوات المدنيين و عسكريي فصائل الجيش الحر، و بعض المنظرين الجهاديين بضرورة فك الارتباط حفظًا لدماء المدنيين، في ظل نية روسية واضحة للاستمرار بالقصف المكثّف، بمباركة أمريكية.
و لا تريد روسيا الدخول في أي هدنة قد تحرجها أو تسبب لها انكسارًا معنويًا، فدخولها بخطة تهدئة بوجود جبهة النصرة التي تعتبرها تنظيمًا إرهابيًا – كما معظم دول العالم -، يعني أنّ موقفها من الحرب في سوريا غير صريح و متذبذب، و هو ما لا يريده الجسم الموالي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمام الشعب الروسي، و أمام المجتمع الدولي.
و لم تكن الأتارب وحدها ضحية النيات الروسية، حيث تعرضت بلدة ابين و أحياء الشعار و الراشدين و الصاخور و غيرها من المناطق المحررة في حلب لمجازر راح ضحيتها عشرات المدنيين.