مع دخول الثورة السورية عامها ” الخامس ” لا تزال مدينة حلب منقسمة على نفسها بين سلطتين متناحرتين ” الحر و النظام ” و كل منهما تحاول السيطرة و التقدم في أماكن سيطرة الأخرى و يبقى المدنيون وحدهم ضحايا هذا الصراع , الذي لن يرى فرجاً قريباً حسب أغلب المتابعين و المحللين .
يمكن لأي متجول في المناطق المحررة أن يلاحظ بشكل واضح آثار القصف بالبراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات ” الطاغية بشار الأسد ” على الاحياء السكنية منذ أكثر من سنة و ثلاثة أشهر حتى الآن دون انقطاع، وهذا ما أجبر السكان على ترك منازلهم و النزوح إلى مخيمات اللجوء أو دول الجوار بحثاً عن مكانٍ آمن حتى تضع الحرب أوزارها .
من جهة أخرى هناك من بقي في المناطق المحررة و فضل الصمود في منزله و حارته و لكنه اصطدم بواقع أكثر ألماً بسبب انتشار قناصي النظام على الاماكن المرتفعة في مدينة حلب، منها مبنى القصر البلدي ومبنى الإذاعة اللذان يشرفان على معبر كراج الحجز، وقد أزهق أولئك القناصون في تلك الأماكن أرواح المئات من المدنيين خلال انتقالهم بين المناطق المحررة و مناطق سيطرة النظام قبل أن تقرر الكتائب المقاتلة إغلاقه.
ولا يخفى على أحد، لاسيما في مدينة حلب ذاتها، أن قناص ” قلعة حلب ” الذي يشرف على مناطق واسعة في المدينة القديمة، ومنها ” جبق القبة ” قد أزهق أرواح العشرات من المدنيين خلال مرورهم إلى منازلهم و محالهم التجارية، و خاصةً في الأيام القليلة الماضية، وهذا ما أجبر السكان القاطنين على أطراف المدينة القديمة والقريبين من خطوط التماس، و بالتعاون مع الكتائب المقاتلة، على وضع سواتر بدائية ليتفادوا ذلك القناص الذي لا يفرق بين صغير أو كبير ولا رجل أو امرأة.
أما أشكال السواتر فقد تعددت أنواعها، منها ” الستائر ” و هي التي تصنع من سجاد المنازل الممزقة والاقمشة و الشوادر الإغاثية، والتي تتصف برخص ثمنها و إمكانية وضعها في أي مكان مرتفع، مع أنها في كثير من الأحيان تتمزق بسبب الرياح القوية و رصاص القناص الحارق والمتفجر.. و من أنواع السواتر الأخرى ” باصات النقل الداخلي ” المعطلة، وكذلك أكوام الأتربة و بقايا أحجار المنازل المدمرة.
بفضل تلك السواتر أصبح بإمكان المواطن الحلبي تفادي ” قدر المستطاع ” طلقة قناص مجرم قد تودي بحياته و تقطع شريان الحياة في شارع كان سابقاً يكتظ بالحركة و السكان .