مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة يلجأ الكثيرون إلى استخدام المكيّفات لترطيب درجات الحرارة وتحسين حالة الجو، فقد أصبح المكيف جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية سواء في الصيف أو في فصل الشتاء. ومع ازدياد الحاجة إليه والاستخدام المفرط له تظهر آثاره السلبية على صحة الإنسان، ومن ضمنها الصدمة الحرارية للجسم وظهور علامات التجاعيد والشيخوخة قبل أوانها.
وتوصلت دراسة حديثة أعدها موقع “بولد سكاي” الهندي إلى أن التعرض للمكيفات والهواء البارد لفترات طويلة، يؤدي إلى جفاف البشرة وينتج عنه تكوّن التجاعيد وظهور خطوط دقيقة في وقت مبكر.
ويعمل الجسم على تنظيم درجة حرارته الداخلية والتكيّف مع درجة حرارة الجو بعدة طرق، حيث يحافظ على اكتساب وفقْد الحرارة بالرغم من التفاوت الكبير الذي يحدث في درجة حرارة الجو الخارجي والذي يعمل على تغيير طبيعة بروتينات الجسم والتأثير على تفاعلاته، ممّا قد يؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات الشديدة.
وهناك مجموعة من الآليات تعمل على التحكم في درجة تأثر الجسم بالحرارة الخارجية، فالجسم يتفاعل مع ارتفاع درجة حرارة الجو الخارجية عبر إفراز العرق، ولكن في المقابل فإن مستوى الرطوبة في الجو قد يمنع التبخر، حيث لا يحدث تبخّر للحرارة عندما يبلغ مستوى الرطوبة 75 بالمئة.
وفي حالة الأطفال والمسنين تعمل تلك الآلية على الحفاظ على درجة حرارة الجسم والقدرة على التحكم في ذلك تكون ضعيفة، لذا فإن أكثر من يتأثر بالضربات الحرارية هم الأطفال والمسنون والمرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ويتفاقم الأمر عند التعرض لدرجات حرارة منخفضة في الخارج ثم التعرض للهواء البارد الصادر عن المكيّفات. وهذا الانتقال الفجئي يصيب الجسم بالصدمة الحرارية التي لا تفسح المجال للتكيف والتأقلم مع التغيرات، الأمر الذي يضرب أجهزة التنفس والمفاصل ويسبب لها الكثير من الأمراض صيفا وشتاء.
وكشف الأطباء أن التعرض للتكييف يرفّع من خطر الإصابة بأمراض العيون والمفاصل والجهاز التنفسي، وذلك لإنتاجه هواء باردا يحمل معه رطوبة من شأنها أن تؤدي إلى حدوث التهابات رئوية خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض رئوية سابقة ومرض الربو.
وأكدت الأبحاث أن البرودة التي تصدرها أجهزة التكييف تؤدي إلى ضيق في القصبات الهوائية سواء كان الشخص نائما أو مستيقظا، لأن النوم لساعات طويلة في غرفة مكيفة يؤدي إلى التعب والإعياء والشد العضلي خاصة في أجزاء الجسم التي كانت عرضة أكثر لبرودة المكيّف المباشرة. وأكثر أجزاء الجسم عرضة للتأثر بهواء التكييف سواء البارد أو الساخن هي الرقبة والظهر، نتيجة غياب الطبقة الدهنية السميكة التي تحمي هذه العضلات.
وتتأثر المنطقة الغضروفية والهلامية اللزجة في المفاصل بالاختلاف في درجة الحرارة، ممّا يؤدي إلى حدوث تيبّس فيها. كما أن الهواء البارد الناتج عن التكييف يعمل على تنشيط بعض أنواع الجراثيم المسببة لأمراض الجهاز التنفسي في درجات الحرارة المنخفضة.
وتتضرر العين كثيرا من جراء الهواء الذي تصدره المكيفات وتنتج عن ذلك حكة وشعور بوجود جسم غريب فيها، إضافة إلى أن من يعانون من تهيّج في العين يكونون أكثر عرضة لأمراض الحساسية واحمرار العين وزيادة إفراز الدموع.
ومن جانبه يقول مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن خفض درجة حرارة الغرفة من خلال استخدام أجهزة التكييف يشكل خطورة على صحة الإنسان، لأن درجة حرارة الغرفة المكيفة قد تصل إلى 16 درجة مئوية بينما تبلغ الحرارة خارجها ما يقرب من 40 درجة، ممّا يؤدي إلى حدوث انتكاسات ربوية وصعوبة وضيق في التنفس.
وأكد بدران أن الخروج من الأماكن الباردة إلى الأماكن الحارة يشكل خطرا على صحة الإنسان، لذلك ينصح بضبط المكيف وفق درجة حرارة تكون متوسطة أي في حدود 24 درجة مئوية، حتى تتلاءم مع درجة الحرارة الطبيعية خارج الغرفة، وتجنب الخروج مباشرة ونزول درجات السلم بدلا من النزول عبر المصعد، لأن النزول على السلم ينشط الدورة الدموية ويدفئ الجسم بالتدريج عكس المصعد. وأكد بدران على ضرورة تغطية الأنف بمنديل وشرب مشروب دافئ طبيعي قبل النزول، وذلك لجعل الجسم يتأقلم مع درجة حرارة الجو الخارجي.
ويضيف بدران أن “من بين الأضرار الصحية التي تسببها أجهزة التكييف على صحة الجسم جفاف البشرة وتقشرها، كما أنها تقلل من القدرة على التركيز وتسبب أضرارا كبيرة للمفاصل وتعمل على تيبّس المفاصل والرقبة، إضافة إلى أن هذه الأجهزة تؤدي إلى الإصابة بأمراض الالتهاب في الجهاز التنفسي والقصبة الهوائية والحنجرة، وتسبب أضرارا للعين، حيث يشعر المرء بحكة وتبخر الدموع”.
وأثبتت الدراسات أن مكيفات الهواء المركزية توفر البيئة الخصبة لنمو الكائنات الدقيقة والبكتيريا، وفقا للمجلة الدولية لعلم الأوبئة، حيث تنتشر هذه البكتيريا في جميع أنحاء المنزل نتيجة نظام التهوية وتكييف الهواء المركزي.
العرب