من علامات خجل الطفل الإحجام عن التفاعل واللعب مع الأطفال الآخرين والانطواء وعدم الرغبة في التحدث مع الناس، ثم الانزواء بعيدا ومراقبة الأطفال الآخرين وهم يلعبون.
تقول اختصاصية علم النفس التربوي في جامعة كارولينا الشمالية الأميركية، هايدي غازيل، إن الخجل إذا حمل صيغة الاستمرارية هو الذي قد يثير علامات استفهام يجب أن يتنبه لها الأهل ويستدعي قلقهم، إضافة إلى مراعاة أن بعض الصغار يتخلصون من حالة الخجل مع تخطيهم مرحلة الدراسة الابتدائية، وبعضهم قد يستغرق وقتا أطول في الانخراط مع الأطفال الآخرين ويبدي بعض التردد أول الأمر، لكنها مسألة وقت ليس إلا ولا تستدعي القلق، فمن الشائع جدا أن يبدي الطفل خجله وتوجسه من الكبار وخاصة الرجال، إلا أن خجله من شركائه الاجتماعيين أو الأطفال في سنه، في المدرسة الذين يراهم بانتظام، هو الذي يستدعي هذا القلق ولا سيما إذا كان يفضل اللعب وحيدا ضمن مجموعة من الأصدقاء.
ويحتاج الطفل إلى التفاعل مع أقرانه لتعلم البعض من المهارات الاجتماعية اللازمة لنموه وتطوره المعرفي، مثل كيفية فهم مشاعر الآخرين والتعامل مع وجهات نظر مختلفة؛ مهارات الحديث والتفاوض والاختلاف في الرأي وتقبل الرأي الآخر بطريقة سلسة ومقبولة، وتعلم كيفية السيطرة على الانفعالات، فالأطفال الذين يفتقدون إلى مثل هذا التواصل الاجتماعي، سيعانون من نقص في خبرات ومهارات التعلم التراكمية كما يتأثر لديهم الشعور بمستوى احترام الذات والثقة بالنفس.
وترى غازيل بأن الطفل الخجول أكثر عرضة للمعاملة السيئة من قبل الأطفال الآخرين، باعتباره هدفا لسخريتهم وموضوعا لتندرهم، وذلك لصعوبة تكوينه صداقات يمكن أن تكون حاجزا في وجه تنمر الأطفال الآخرين عليه، الأمر الذي يحدث ضررا واضحا في صحته النفسية ويقوّض ثقته بنفسه، خاصة مع استمرار حدوث هذه الأمور على المدى الطويل.
في حين، يواجه الصبي بسبب خجله صعوبات أكبر، مقارنة بالفتاة الخجولة بسبب معايير المجتمع القائمة على تصوير شخصية الذكور وفق معايير تتعلق بالجرأة والحزم والإقدام في المحيط الاجتماعي، وهذا ما يجعل من الطفل الذكر مثارا لسخرية أقرانه والبعض من الفتيات أيضا، لكونه انتهك معايير الذكورة في مجتمع قائم على التمييز المقصود في توقعاتهم عن الذكر والأنثى، وهذا لا يعني أن الفتاة التي تعاني من الخجل المفرط لا تتعرض لمضايقات الصغار ممن هم في سنها، ولكن الأمر يتعلق أكثر بحجم وتواتر هذه المضايقات مقارنة بالطفل الذكر.
ويرى متخصصون أن الخجل إذا تعارض مع نشاطات الطفل في محيط المدرسة والأسرة، عندما يكون الطفل وحيدا وحزينا وصامتا طوال الوقت، فإنه يستدعي تدخلا فوريا من قبل الأهل والمربين من خلال تشجيعه على الانضمام إلى مجموعات النشاطات، إضافة إلى تكوين صداقات بديلة في حال تعذر استمرار صداقات يجدها غير مجدية وتسبب له المضايقات وتكون مصدرا لقلقه وتوتره.
وتصف إلين كندي، وهي كاتبة وطبيبة نفسية من ولاية نيوجيرسي الأميركية، بعض معايير العلاج السلوكي للطفل الخجول قصد التخفيف من مخاوفه وقلقه، ولمساعدته على بناء ثقته بنفسه وتكوين شخصية سوية ومواجهة المواقف الاجتماعية التي تتطلب سلوكا متفاعلا مع الآخرين، سواء أكانوا أطفالا في مثل سنه أم كبارا في محيطه الاجتماعي.
وفقا لإلين كندي، فإن دور الأهل في هذا الإطار يكمن في تشجيع الطفل على تنمية هواياته واهتماماته، لعله يجتذب إليه الأصدقاء الذين يشاركونه هواياته واهتماماته هذه، فتكون مدخلا للتفاهم والمشاركة البناءة بين الطرفين، مع تعليمه إمكانية ممارسة بعض السلوك الاجتماعي البسيط، كإلقاء التحية على الغرباء أو الأقرباء ومحاولة المشاركة في الحوارات بطرح بعض الأسئلة البسيطة مثل “كيف؟”، “متى؟” و“لماذا؟”، وضرورة إطلاعه على القصص البسيطة التي تحتوي على مواقف اجتماعية، وحثه على تقليد بعض أدوارها عن طريق التمثيل.
ويرى متخصصون أن بعض الأطفال الخجولين يواجهون صعوبة في مواجهة حشد من الناس أو حتى مجموعة من الأشخاص، لذلك يتم تشجيعهم مبدئيا على التواصل والتفاعل مع فرد واحد على الأقل متمثلا في شخص صديق يثق به ولا يجد حرجا معه في الحديث وتبادل الحوار واللعب، وهذا كفيل لوحده بأن يشعره بالسعادة ويعيد ثقته بنفسه وبإمكانياته على التواصل مع المحيط الاجتماعي تدريجيا، وذلك بتوسيع دائرة الأصدقاء
عن: العرب