ماتزال تداعيات القتال الحاصل في مخيم اليرموك بين تنظيم الدولة وكتائب أكناف بيت المقدس تعصف بمصير المخيم، ومع انخفاض وتيرة الاشتباكات في ظل “تمدد” التنظيم إلى مناطق أوسع داخل المخيم استمرت الاتهامات المتبادلة بين الطرفين كما زادت محاولات الاستثمار السياسي للأحداث من قبل نظام الأسد والقوى الفلسطينية الموالية له كقوات أحمد جبريل وحركة فتح .
وبغض النظر عن البيانات التي أصدرتها جميع الأطراف حول أحداث المخيم، فإن مصادرنا داخل مخيم اليرموك أكدت أن بدء المعركة -والتي سبقتها إرهاصات اغتيال لعدة شخصيات فلسطينية داخل المخيم- كان مرتبطاً بشكل وثيق مع محاولة “خلخلة” جبهات القتال ضد قوات نظام الأسد.
ولتوضيح ذلك، فإن نقاط القتال أو “الرباط” في اليرموك والتي يبلغ عددها 10 نقاط تتوزع على قطاعات وهي :(جهة بلدية اليرموك وساحة الريجة وجامع الرجولة والمدارس)
وترابط جماعة أكناف بيت المقدس على 6 من هذه النقاط بينما ترابط قوات أحرار الشام على اثنتين وتتوزع النقطتان الباقيتان لكل من لواء الأمة ولواء العز بن عبد السلام.
وفور اقتحام قوات تنظيم الدولة للمخيم من جهة الحجر الأسود، قام لواء العز بن عبد السلام وبشكل غريب بالانسحاب مباشرة من نقطة رباطه مع النظام حيث سارع مقاتلو حركة أحرار الشام لسد الفراغ في النقطة المذكورة.
تقدم مقاتلو تنظيم الدولة بسرعة عبر عدة أحياء من جهة جامع فلسطين وفروج التاج وشارع العروبة والـ15 والـ30 وصولاً إلى شارع “لوبية” وفي هذه المرحلة بالذات أصبحت القطاعات ونقاط الرباط السابقة محاصرة بين قوات نظام الأسد ومقاتلي تنظيم الدولة باستنثاء نقطة عبور واحدة من ساحة (الريجة) وتسيطر عليها جبهة النصرة.
ومع اشتداد وتيرة المعارك في اليوم الأول والثاني قامت كتائب الأكناف بسحب مقاتليها من نقاط الرباط المتقدمة وزجهم في المعارك ضد تنظيم الدولة باستثناء عدد قليل جداً من المقاتلين،وبحسب مصادرنا داخل المخيم فإن بعض الكتل المواجهة للنظام ظل يرابط فيها مقاتل واحد أو مقاتلان فقط من الأكناف في مواجهة قوات النظام الأمر الذي أدى إلى تقدم النظام وسيطرته على نقطتين وهما( الشهيد 9 و 10 ).:
أما عن دور جبهة النصرة ففضلاً عن أن دخول قوات تنظيم الدولة إلى المخيم تم عبر نقاط الجبهة، فإن النصرة رفضت إدخال المؤازرات التي طالب بها كل من مقاتلي (أحرار الشام ،لواء الأمة، الأكناف) والذين حوصروا بين قوات تنظيم الدولة وقوات نظام الأسد.
سادت بعد تلك الأحداث حالة من الهلع والخوف في صفوف المحاصرين خصوصاً مع ورود صور (قطع الرؤوس) على أيدي تنظيم الدولة، وبحسب مصدر من أحرار الشام من داخل اليرموك فضل عدم ذكر اسمه، فإن جبهة النصرة نفسها انقسمت داخل مخيم اليرموك ، فقد اعتزل أكثر من 50 مقاتلاً من الجبهة للأحداث وتقدموا باتجاه المربع المحاصر حيث قام بعض مقاتلي الأكناف بتسليم أنفسهم لهؤلاء المقاتلين المعتزلين خوفاً من قطع رؤوسهم والتمثيل بجثثهم على يد مقاتلي تنظيم الدولة.
بعدها وبوساطات من أحرار الشام، انسحب العديد من مقاتلي أكناف بيت المقدس من صد هجوم تنظيم الدولة وتوجهوا إلى نقاط الرباط الأمامية ضد النظام، ورغم تعهد الأحرار لهم بعدم التعرض فإنه ومع تقدم تنظيم الدولة وسيطرته على المربع الأمني لأكناف بيت المقدس فإن مجموعة منهم قامت بتسليم نفسها لقوات نظام الأسد.
وبفعل تلك الانسحابات اضطر مقاتلو احرار الشام ولواء الأمة للانسحاب أيضاً من نقاطهم، وقام النظام بالسيطرة على معظم القطاعات السابقة، أما مقاتلو الأكناف الذين ظلوا على قيد الحياة فمنهم من سلم نفسه للنظام ومنهم من سلم نفسه لجبهة النصرة ومنهم من استطاع الانسحاب باتجاه يلدا.
وعن مقاتلي أكناف بيت المقدس قال لنا المصدر من حركة أحرار الشام : (نحن والأكناف منذ ثلاث سنوات في المخيم ولم يسلموا نقطة وهم يقاتلون بشراسة..لكن عندما يأتي أحد بسكين يريد قطع رأسك فماذا تفعل؟)
أما عن جبهة النصرة في المخيم، فكانت مرآة سوريا قد أشارت في تقرير سابق عن وجود تناقض داخل جبهة النصرة تجاه أحداث المخيم، وقد أكد لنا المصدر في حركة أحرار الشام داخل اليرموك أن النصرة هناك منقسمة بين مؤيد لتنظيم الدولة وبين معارض لما حصل من هجوم على أكناف بيت المقدس.
وبحسب مصادرنا الخاصة في المخيم فإن معظم قيادات النصرة داخل مخيم اليرموك موالية لتنظيم الدولة، ومن أبرز الشخصيات المؤيدة للتنظيم في صفوف النصرة الأمير أبو حسن والأمير أبو خضر وهما من سهل دخول تنظيم الدولة إلى المخيم، حيث أن قيادات النصرة الجديدة في مخيم اليرموك والتي ظهرت بعد مقتل معظم قيادات الجبهة في مواجهات مع النظام تحمل بأغلبها فكراً “داعشياً”، وفي الوقت الذي أكدت لنا أطراف مقربة من جبهة النصرة رفع تقرير من “جهات محايدة” داخل المخيم لقائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني عن مسار الأحداث توقعت تلك الأطراف إصدار الأخير لقرارات هامة قريباً حول فرع جبهة النصرة داخل مخيم اليرموك.