ماذا تريد روسيا من إيقاف حملة “همدان” الجوية؟ و ما دور تركيا في ذلك؟

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية الاثنين 22 آب/أغسطس 2016، أنّ روسيا أوقفت استخدام قاعدة همدان العسكرية الجوية في إيران، والتي استخدمتها خلال الأيام الماضية بهدف ضرب مواقع تسيطر عليها قوات مناوئة لنظام بشار الأسد في سوريا.

و يأتي التصريح الإيراني على صدى انتقادات واسعة من قبل بعض أعضاء البرلمان الإيراني، و البيت الأبيض الأمريكي.

و كانت قاذفات جوية روسية بعيدة المدى، من طراز تو-22، قد شنّت غارات جوية عديدة على مواقع تسيطر عليها قوات المعارضة السورية، و تنظيم الدولة في سوريا.

و أدّت أولى الغارات إلى وقوع مجزرة بحق المدنيين في الرقة، معقل تنظيم الدولة الرئيس في سوريا، تلتها عدة مجازر أخرى في مدينتي حلب و إدلب و أريافهما المحررة.

و يرى مراقبون أنّ التقارب الروسي – التركي الجديد، الذي يتواصل بتوافقات جديدة شبه يوميّة، نصّ في آخر ما وصل إليه إلى تغيير الخطط الروسية الأخيرة في سوريا.

و كانت روسيا تطمح من خلال حملة قصف جويّة مكثّفة لدعم جيش بشار الأسد و ميليشياته الموالية، للسيطرة على مدينة حلب، قبل أن تبدأ قوات المعارضة السورية معركة واسعة حملت اسم “ملحمة حلب الكبرى”، تمكنت خلالها من إفشال هذا المشروع بشكل مباغت و مفاجئ.

و أحرز جيش الأسد و ما يسانده من ميليشيات مختلفة (حزب الله اللبناني، الحرس الثوري الإيراني، حركة النجباء العراقية، لواء القدس الفلسطيني، و عناصر أفغانية تم تجنيدها من قبل النظام الإيراني على أساس طائفي)، تقدمًا كبيرًا تمثل بالسيطرة على طريق الكاستيلو، الذي كان يعتبر المنفذ الوحيد لمناطق سيطرة المعارضة في حلب المدينة، و المتمثلة بالأحياء الشرقية منها.

و تمكنت فصائل المعارضة السورية التي توحدت في غرفتي عمليات تابعتين لجيش الفتح، و فتح حلب، من كسر الحصار عبر تقدم استراتيجي جنوبي المدينة، تمخّضت عنه السيطرة على كتيبة المدفعية في الراموسة و الكلية الفنية الجوية، و المناطق المحيطة بهما.

و أعلن مصدر عسكري معارض في تصريح لوكالة رويترز للأنباء، عن معركة جديدة بدعم تركي، تهدف إلى سيطرة فصائل تابعة للجيش الحر على مدينة جرابلس، التي تعد من أهم معاقل تنظيم الدولة شماليّ حلب، و الوجهة التي تحط الميليشيات الكردية أنظارها عليها بعد سيطرتها على مدينة منبج.

و أوقف الطيران الحربي الروسي دعمه للأكراد مؤخرًا، بعدما ساند مقاتلي ميليشيا حماية الشعب الكردي، و ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية” و “جيش الثوار”، في معارك سابقة بريف حلب الشمالي.

كما توقفت الغارات الجوية الروسية التي كانت تساند تقدم جيش الأسد في ريف الرقة، و التي أهّلته للسيطرة على مناطق واسعة داخل حدود المحافظة الإدارية للمرة الأولى منذ سيطرة تنظيم الدولة عليها قبل نحو سنتين.

و شنّ الطيران الحربي التابع لنظام الأسد، غارات جوية ما زالت متواصلة على مناطق سيطرة “الحلفاء” الأكراد في محافظة الحسكة، كما اندلعت معارك و اشتباكات استخدمت فيها قذائف المدفعية و السلاح الثقيل، بين جيش الأسد وميليشيا الدفاع الوطني من جهة، و ميليشيا الحماية الكردية من جهة أخرى.

و بسطت الميليشيات الكردية سيطرتها على معظم النقاط التي كانت بأمر قوات النظام في المحافظة.

المتغيرات السابقة توحي بوجود خطة متعلقة بشكل خاص بوضع الشمال السوري، حيث تهدف تركيا كخطوة استراتيجية تضعها على سلّم الأولويات إلى وقف تمدد الأكراد على حدودها الجنوبية، بينما تريد روسيا من توافقاتها حماية مصالحها التي تتمثل حاليًا بإبقاء يدها المطلقة المتحكمة بشكل كامل بالوضع السوري، فيما يبقى نظام الأسد رقمًا قابلًا للتغيير في جملة هذه المتغيرات.

أضف تعليق