أسدل الستار اليوم على قضية اغتيال القيادي في الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام المعروف بأبي زيد القناص، لتنتهي حملة واسعة من الاتهامات المتبادلة بين مناصري جبهة النصرة وخصومها حول المسؤولية عن الحادث. ومع أن الكثير من شرعيي جبهة النصرة والناطقين باسمها قد أعلنوا مراراً وتكراراً عن استعدادهم للالتزام بكل ما يقرره القضاء المختص بالقضية، إلا أن حسابات العديد من الشيوخ المحسوبين على تيارات وفصائل أخرى رأت في الحادثة دليلاً على تماثل السلوك بين جبهة النصرة وتنظيم الدولة ، وادعوا أن هذه العمليات سوف تكون مقدمة لاستهداف كل المجموعات على غرار مافعله التنظيم سابقاً على حد وصفهم.
وبالعودة إلى نتائج التحكيم، فإن محضر المحكمة الذي صدر بتاريخ 16/02/2015 م والذي انعقد بإشراف ثلاثة قضاة أحدهم من الجهة المدعية والآخر من الجهة المدعى عليها والثالث مرجح وهو القاضي أبو عبد الرحمن زين العابدين، قرر عدم وجود نية القتل لدى عناصر جبهة النصرة الذين استهدفوا سيارة القتيل، حيث أكد المحضر (من خلال الاستماع لإفادة العناصر من الجهتين المدعية والمدعى عليها وكذلك المسعفين والمدنيين الذين شهدوا الحادثة أو البعض منها …..) ليثبتوا نقاط الحكم التي تؤكد عدم وجود معرفة بين القاتل والمجنى عليه من قبل، وأن الأوامر التي أعطيت لعناصر جبهة النصرة هي عدم المبادرة بإطلاق النار وإنما إيقاف السيارة التي كان يستقلها القناص والتي أثبتت المحكمة أن عناصر النصرة ظنوا تبعيتها لتنظيم الدولة، وعلى ذلك فإن المحكمة وصفت الفعل على أنه “قتل خطأ” وليس “قتلاً عمداً” ، وبعد استعراض مجموعة من أقوال المذاهب الإسلامية أفادت المحكمة بوجوب دفع الدية لورثة القتيل، ومن جهة أخرى فإن المحكمة أمرت بإطلاق سراح عنصر جبهة النصرة الموقف على ذمة القضية وأخذت تعهداً على الجبهة بالتنسيق مع القادة العسكريين وتوخي الدقة قبل القيام بأي كمين.
من الجدير بالذكر أن سبب الكمين الذي استهدف سيارة أبي حمزة القناص -كما ورد في المحضر- هو دراسة قامت بها جبهة النصرة على (هذه السيارة) كما ورد حرفياً في المحضر وأنها كانت قبل أسبوعين من حادثة قتل القناص في كفربطنا وتم إطلاق النار منها على أحد عناصر النصرة ما أدى إلى قتله.
وبعد انتشار حيثيات الحكم طالب العديد من إعلاميي جبهة النصرة وداعميها على شبكات التواصل الاجتماعي باعتذار من إعلاميي بعض الفصائل ومن العديد من علماء وشيوخ التيارات الأخرى التي سارعت لاتهام الجبهة بافتعال الجريمة عن سبق إصرار وترصد، فيما لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام تعقيباً على نتائج المحكمة.
وفيما يلي تفريغ لمحضر المحكمة:
قرار حكم (1)
صادر عن الحكم المرجح
الحمدلله وبعد …
الجهة المدعية : الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام
الجهة المدعى عليها : جبهة النصرة
الدعوى : قتل .
أولا : في الوقائع : تم اجتماع القيادة العسكرية في الغوطة الشرقية مع عدد من القضاة في مقر فيلق الرحمن بتاريخ 5/2/2015 وتم تشكيل لجنة قضائية محكمة مؤلفة من ثلاثة أعضاء وهم :
1- القاضي أبو عبد الرحيم من طرف جبهة النصرة
2- القاضي أبو هشام من طرف الاتحاد الاسلامي
3- القاضي أبو عبد الرحمن زين العابدين بن الحسين قاضيا مرجحا.
وكان مفاد هذه الدعوى اصدار قرار قضائي حول مقتل ( أبي زيد القناص ) التابع للاتحاد الاسلامي لأجناد الشام.
ثانيا : في المناقشة والتطبيق والحكم
من خلال الاستماع لإفادة العناصر من الجهتين المدعية والمدعى عليها وكذلك المسعفين والمدنيين الذين شهدوا الحادثة أو البعض منها بات من الثابت لدينا أن جبهة النصرة قاموا بنصب كمين لسيارة سكودا ذات صندوق مغلق (بيك أب) وذلك على أثر دراسة على هذه السيارة كانت في كفربطنا وأطلقت النار على أحد عناصر جبهة النصرة أدى هذا الاطلاق الى قتله وكانت هذه الحادثة قبل مقتل ( أبي زيد القناص) بخمسة عشر يوما.
وكان غالب ظن الجبهة أن السيارة تعود ملكيتها لداعش , وبعد رصد السيارة ومراقبتها تم تشكيل حواجز – بل – كمائن لهذه السيارة وتم توزيع هذه الكمائن وفي يوم الحادثة قرب الساعة السابعة والنصف مساء بدأ الكمائن تأخذ مواقعها وفجأة يخبر الراصد عن طريق جهاز لاسلكي أن الهدف – سيارة سكودا – اقتربت من كمين (الدرة) وأمرهم بأن يتعاملوا معها بطريقة حماسية . ولدى السؤال كيفية التعامل كان الجواب : أنه يتم إيقافها فإن لم تقف يطلق النار على دواليبها ثم عليها كمرحلة أخيرة .
فاستجاب هذا الحاجز وأمر السيارة بالوقوف فلم تقف وكانت سرعتها 50- 80 كم/ساعة , على حسب تقدير أطراف النزاع وكذلك الشهود فأطلق النار (أبو ياسر الخال) برشقة على الأرض بعد أن قطعت السيارة مكان الكمين وكانت هذه الرشقة مايقارب 5 طلقات اصابت عجلة السيارة وكانت السيارة قد ابتعدت عن مكان الكمين مايقارب 20-30 مترا ثم تم اطلاق طلقتين إلى الأعلى قليلا أدت إلى إصابة ( ابي زيد القناص ) وتم طلب الاسعاف عن طريق (أبي خالد خطاب) الذي كان في السيارة مع (أبي زيد القناص) ثم نزل (أبو زيد) من السيارة زحفا وذلك لإصابته البليغة وفي وقت 7-20 دقيقة جاءت سيارة الاسعاف كانت النتيجة أن توفي رحمه الله .
وحيث كان الفعل الذي قام به (ابو ياسر الخال ) لم يكن تصرفا فرديا بل كان بأمر القائد وبناء على دراسة أمنية تبين للجميع أن المقتول ليس هو الهدف وحيث أن الحكمين قد قدما قرارهما وتمت مناقشة القضية فلذلك كوني حكما مرجحا فإني أقرر :
1- عدم ثبوت عداوة ولا معرفة بين عناصر الكمين وبين المقتول (إلا) بل وخاصة القاتل .
2- لم يثتب هناك أمر بإطلاق النار في مقتل ابتداء بل ايقاف السيارة ثم اطلاق النار على دواليبها ثم عليها
3- من حيث النتيجة في التوصيف الجرمي إن القتل عمد في صورته يجري مجرى الخطأ في نتيتجته وحكمه وذلك أن القتل لايوصف بالعمد إلا إذا تحقق فيه إرادة الجريمة وإرادة المقتول بعينه وهذه الصورة ليست كذلك .
4- يترتب على مقتل ( أبي زيد القناص ) دفع الدية لأولياء الدم, وهم كل وارث يرث المال فرضا , أو تقصيا – كما هو قول الجمهور عند المالكية –
5- الورثة لهم الدية – فيما ارى – على سبيل الاستقلال والكمال لأنه حق مبتدأ لهم بوفاة القتيل وليس على سبيل الشراكة
وهذا القول هو قول المالكية والحنفية ويترتب عليه عدم انتظار بلوغ الصبي ولا افاقة المجنون وهذا القول هو أبرأ للذمة في مثل هذه الأيام
6- يجوز الصلح على الدية مع أولياء الدم
7- الدية تكون على العاقلة , وذهب الحنفية والمالكية أن العاقلة هم أهل الديوان وهم العسكر إن كان القاتل من أهل الديوان والديوان هو الدفتر الذي يضبط فيه اسماء الجند وعددهم وعطاءاتهم وقدمهم ..
8- يخلى سبيل الموقوف ( أبو ياسر الخال ) فور صدور القرار حيث أنه أدى مهمته المأمور بها من قبل قياداته دون مخالفة .
9- يتعهد فصيل جبهة النصرة قبل تشكيل أي كمين بدقة الدراسة حول أي هدف يقومون به مع إخبار القادة العسكريين بذلك والتنسيق معهم
10- ليس على القاتل كفارة في هذه الصورة كما نص على ذلك الأحناف في قتل التسبب , ومن ذلك إذا لم يكن على الجاني أي تفريط.
والله أعلم وصلى الله وسلم على رسوله وآله وصحبه
المحكم المرجح
أبو عبد الرحمن زين العابدين بن الحسين
الاثنين 26 ربيع الثاني 1436 ه
16شباط 2015 م
نسخةإلى الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام
نسخة إلى جبهة النصرة
نسخة إلى جيش الإسلام
نسخة إلى فيلق الرحمن
نسخة إلى فجر الأمة
ثلاث نسخ للقضاة المحكمين