من المازوت إلى زيت الكاز فالحطب.. السوريون يبدؤون فصلًا جديدًا من الموت

الشتاء الماضي في سوريا، حمل بردًا قارسًا أودى بحياة العشرات من الأطفال و النساء و الشيوخ في المخيمات التي تحتضنها المحافظات الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في الشمال السوري.

و اليوم، لا يختلف عن مثيله في العام الماضي إلا بعدد مخيمات النازحين الذي أصبح أكبر!، حيث باتت المخيمات القديمة تحتضن نازحين أكثر بـ 20% مما كانت عليه العام الماضي، بالإضافة إلى ظهور مخيمات جديدة، مع اشتداد وتيرة المعارك في أرياف حلب و حماه و إدلب و اللاذقية و تأثر المدنيين مباشرة بها.

مراسل “مرآة سوريا” في إدلب “ناصر الأعرج” رصد معاناة المدنيين في تأمين مستلزمات التدفئة و تخوفهم من شتاء شبيه بالشتاء الماضي، أو أشدّ قسوة، قد يُفقد البعض منهم أبناءهم.

المازوت موجود، مصدره تنظيم الدولة، و سعره يقفز إلى ما لا يستطيعه المواطن السوري

ارتفع سعر برميل المازوت المكرر في المناطق الشمالية في سوريا إلى “45” ألف ليرة سورية، أي بزيادة قدرها “32” ألف ليرة سورية عما كان عليه في مثل هذا الوقت من العام الماضي.

التقى مراسلنا بتاجر المحروقات “أبو محمد” الإدلبي، و الذي عزا الارتفاع الكبير في سعر برميل المازوت المكرر إلى أنّ تنظيم ادلولة – مصدر المحروقات الرئيسي لمناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية- رفع سعره بالأساس، و أصبحت قافلات نقل المحروقات مستهدفة بشكل مباشر من قبل طيران التحالف و الطيران الروسي، و قد تم استهداف بعضها بالطبع، ما أدى إلى ارتفاع كبير جدًا و قياسي في سعر البرميل.

و يعتبر المازوت المكرر من مواد المحروقات التي تسبب أضرارًا لجهاز التنفس، لما يحتويه من غازات و شوائب، و قد سجّلت قرية “أورم الكبرى” بريف حلب العام الماضي وفاة طفلين مصابين بالربو في منزلهما، بسبب الدخان المنبعث من المدفأة التي تم تزويدها بالمازوت المكرر.

المازوت المكرر يتم استخراجه من محطات تكرير بدائية بعد جلب البترول الخام في مناطق تنظيم الدولة في الريف الشرقي و الشمالي لحلب.

 

من المازوت إلى الغاز، إلى زيت الكاز فالحطب!

غلاء المازوت الفاحش و عجز المواطن السوري عن امتلاكه، دفعه إلى الاعتماد على الغاز الطبيعي للتدفئة بالإضافة إلى الطهو و الإنارة، إلا أنّ المعارك الأخيرة و الحملات العسكرية التي تشنها الميليشيات الموالية للنظام و القصف الروسي المركز على المناطق الحيوية و الطرقات و نقاط بيع المحروقات، جعلت مادة “الغاز” محرمة على المواطن هي الأخرى، فقد ارتفع سعر الأسطوانة الواحدة إلى نحو 6500 ليرة سورية، إن وجدت!.

مراسلنا قال :”إن المواطنين في المناطق المحررة انتقلوا إلى استخدام “زيت الكاز” و “الببور” في الطهو و الإنارة، لأن سعره مقبول نسبيًا و هو متوافر حتى الآن”.

و التقى “الأعرج” السيدة “ربى الحافظ” – ربة منزل- و التي قالت إنها تعتمد على الحطب في أمور الطبخ و تسخين المياه و التدفئة، “فهي المادة الأرخص و المتواجدة بشكل كافٍ في الأسواق”.

الحطب، مادة التدفئة الأساسية لهذا الشتاء

دخلت مدافئ الحطب معظم بيوت المدنيين في الشمال السوري، فالحطب هو مادة متوافرة بكثرة – حتى الآن – في الأسواق، و بأسعار تعتبر الأرخص بين مواد التدفئة الأخرى.

يبلغ سعر الطن الواحد من حطب الزيتون نحو 33 ألف ليرة سورية، مقارنة بـ 13 ألف ليرة في ذات الوقت من العام الماضية، و هو أفضل أنواع الحطب لما يحتويه من مواد زيتية تسهم في اشتعال أكبر.

أما حطب الصنوبر فيبلغ سعره نحو 28 ألف ليرة سورية للطن الواحدة، مقارنة بـ 10 آلاف ليرة سورية في ذات الوقت من العام الماضي.

و حطب السنديان – و هو أرخص الموجود- فيبلغ نحو 25 ألف ليرة سورية، مقارنة بـ 8 آلاف ليرة للطن في العام الماضي.

هذا الشتاء سيحمل تحديًا جديدًا للمدنيين السوريين في مناطق سيطرة المعارضة، و للمؤسسات الدولية و الإغاثية و المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، فهل سيشهد السوريون حلقةً جديدًا من مسلسل النكبات التي تقع فوق رؤوسهم برعاية الأطراف الداعمة للأسد؟.

أضف تعليق