حوار خاص| محامية سورية تتطوع لخدمة السوريين وتقديم الاستشارات القانونية مجاناً في هاتاي – مرآة سوريا

كأي امرأة سورية أجبرتها ظروف الحرب على النزوح أو اللجوء غادرت تلك المحامية بلدها بعدما هجرت مكتب المحاماة وانتفضت على أعمال الاتحاد النسائي ولجان المرأة في حلب ولتبدأ حياتها الجديدة في مدينة كركهان بولاية هاتاي التركية ولتبحث عن فكرة جديدة أو مساحة للعطاء تساعد من خلالها في التخفيف من بعض آلام اللاجئين السوريين وتعطيهم مزيداً من السعادة..والأمل بحياة لا تشوبها المعوقات.


الأديبة والمحامية عفاف محمد الرشيد وفي لقاء خاص مع مرآة سوريا قالت:”رغم كل الإمكانيات البسيطة استطعت أن أحقق جزءاً من حلمي خلال ثمانية أشهر من التعب لاستكمال الإجراءات والموافقات اللازمة لتأسيس مكتب قانوني تطوعي بجهودي الشخصية وترحيب من السلطات المعنية في أنطاكيا بولاية هاتاي ودفعني إلى ذلك علامات البؤس في وجوه النساء والأطفال وكانت تلك المشاهد تجعلني أحس بعجزي عن فعل شيء ما يخفف من بؤس الأطفال والأمهات فتدمع عيني وأستحضر أوراق الذاكرة وجلسات المحكمة وكيف انتزع الحقوق الضائعة لصالح الناس المظلومين الذين يخرجون من مكتبي فرحين ممتنين قبل أن يأتيني أولئك يائسين وهموم الدنيا كلها فوق رؤوسهم”.


وأضافت المحامية الرشيد :”بعد أن ترسخت لدي قناعة بضرورة تنفيذ هذا المشروع طرحت الفكرة على المقربين مني والأصدقاء السوريين وبعض الأتراك الذين لم تصلهم الفكرة الحقيقية من المشروع وظنوا بأني أسعى لافتتاح جمعية خيرية أو اجتماعية لتوزيع المساعدات أو للاستفادة المادية وكأن اللاجئ السوري لا هم له في هذه الغربة سوى المساعدات”.

“الرشيد: السوري رغم أنه أجبر على صفة اللاجئ إلا أنه إنسان بفكره وقلبه ومبدع في كل أرض وفي كل مجال وليس السوري فقط من يركض وراء المساعدات أو البطانيات أو الأغذية أو الأدوية مع أن ما ذكرت لا يعيب السوري أبداً فلم يترك سوري بيته وبلده إلا مضطراً”


ولفتت المحامية الرشيد إلى أن “السوري رغم أنه أجبر على صفة اللاجئ إلا أنه إنسان بفكره وقلبه ومبدع في كل أرض وفي كل مجال وليس السوري فقط من يركض وراء المساعدات أو البطانيات أو الأغذية أو الأدوية مع أن ما ذكرت لا يعيب السوري أبداً فلم يترك سوري بيته وبلده إلا مضطراً”.


وعن دافعها الرئيسي الذي جعلها تسير في طريق تنفيذ هذا العمل قالت المحامية الرشيد:”سعيت إلى تنفيذ هذا العمل عن رغبة واهتمام بمجتمعي السوري وانطلاقاً من غيرتي على أهلي وبيئتي وإيماناً مني بضرورة نشر روح التعاون والتطوع والتحفيز على المبادرات الإنسانية لخدمة المجتمع السوري بعيداً عن السعي نحو الربح”.


وأوضحت المحامية الرشيد قائلة:”الفكرة تحولت إلى مشروع أصبح اليوم واقعاً وهو “مركز قانوني تطوعي” يقدم الاستشارات القانونية المجانية للعائلات السورية ويبث لديهم الوعي القانوني في القوانين التركية وخصوصاً بما يتعلق بشؤون الزواج والطلاق والنفقة وبما يخص شؤون العمال لكثرة حالات النصب التي يتعرض لها العامل السوري”.


وتابعت الرشيد :” أحسست في البداية أنني بحاجة لتعلم اللغة التركية فالتحقت بدورات مجانية للغة وتعلمت العديد من المفردات التركية والجمل وشيئاً فشيئاً أصبحت أفهم وأتحدث بما يناسبني في المجال القانوني وبدأت بالإجراءات الإدارية والروتينية وتقدمت بكتاب مترجم ومرفق بشهادتي وأوراقي الثبوتية إلى مدير مكتب الوالي حيث شرحت فكرة المشروع القانوني وآلية العمل منطلقة من مبدأ توعية العائلات السورية بقانون الحماية المؤقتة الذي نظم بعض الحقوق للسورين وفرض بعض الواجبات”.





وأضافت المحامية:”أشرت في كتابي إلى أهمية الاندماج بالمجتمع التركي إلا أن جواباً لم يردني بعد مرور بضعة أشهر على تقديمي للطلب وما إلا أنني لم أيأس حيث توجهت بكتاب آخر إلى الإدارة مدينة كركهان وسلمت مدير مكتب القائم مقام كتابي وشرحت فيه ما أريد بالضبط وقد ركزت على مسألة الخدمة المجانية للسوريين في المجال القانوني وضمن قانون الحماية المؤقتة للسوريين وذكرت أنه وفقاً لتزايد أعداد السوريين في كركهان ما يستدعي وجود مكتب قانوني إرشادي يوجه السوريين مع انعدام وجود جهة قانونية تقدم لهم المعلومات والنصائح لتسيير أمورهم وأعمالهم وأبديت رغبتي التطوعية بهذا العمل مع وجود خبراتي القديمة في هذا المجال”.


وأشارت الرشيد إلى أن هذا العمل استكمال لما بدأته كمحامية منذ 15 سنة في مدينتها المدمرة حلب الشهباء -على حد تعبيرها- وقالت:”عملت في مكتبي متطوعة لخدمة العائلات السورية من خلال المكتب القانوني لمنظمة الاتحاد النسائي” مضيفة:أنه “وبعد مناقشات ومداولات بين مكاتب القائم مقام في كركهان ومكاتب الوالي نال مشروعي الإعجاب وأعلنت الموافقة المشروطة بموافقة شعبة الأمنيات وفعلاً راجعت الأمنيات وأطلعتهم على مشروعي المجاني وزودتهم بكافة المعلومات عني وعن أسرتي وأهدافي من المشروع وما الفائدة المكتسبة للمجتمع وتم استدعائي ثلاث مرات للاستفسار عن المشروع إلى أن اتصلوا بي يبشرونني بالموافقة على هذا العمل والمباشرة فوراً وتم توجيهي للعمل في المركز الاستشاري القانوني الذي أحدث مؤخراً في المدينة ويتبع للقائم مقام ويقدم خدمات واستشارات للاجئين السوريين ويعتبر صلة الوصل بين السوريين والأتراك”.


“كنت واثقة من الوصول إلى هذا الهدف لأني اعتمدت في مشروعي على الصيغة القانونية والتطوعية ما يعني أن النتيجة حتماً سليمة كوني لم أسعى إلى الربح أو التجارة “.
وعن بداية عملها في المكتب القانوني قالت المحامية المتطوعة:”مع بداية عملي في هذا المشروع التطوعي شعرت بأنني بدأت خطوة مهمة في حياتي الاجتماعية حيث بدأت ألامس أوجاع الأسرة السورية واكتشف تفاصيل لهموم المرأة وشقاء الأطفال مع إصراري وقدر المستطاع على تقديم النصح لهم وخدمتهم ما أمكن”.


ورأت المحامية المتطوعة أن حلمها التطوعي لم يقف عن هذا الحد وإنما تسعى لتوسيع نطاق عملها مشيرة أنها تستهدف الطفل والمرأة وقالت:”أركز من خلال عملي على الأسرة والطفولة باعتبارهما القسم الأهم في المجتمع وأعتبر أن هذا العمل المتواضع بمثابة الخطوة الأولى على طريق تحقيق مشروعي الأكبر والأهم وهو تأسيس “مركز قانوني ثقافي” يشمل ولاية هاتاي كلها لكن ضعف الإمكانات المادية يحول دون تحقيق هذا الحلم وإلا كنت أسست مشروعي على حسابي الخاص وقدمت مشوراتي مجانية”.


ونوهت إلى أنها ” تمكنت وخلال فترة قصيرة من مساعدة الكثير من الأخوة السوريين وأطلعتهم على قضايا كانوا يجهلونها وقدمت للعديد من العائلات السورية خدمات كانت تظنها عادية لكنهم اعتبروها خدمات كبيرة ومهمة لهم”.
يذكر أن عفاف الرشيد تحمل إجازة في الحقوق منذ العام 1988 وإجازة أستاذ في المحاماة في العام 2000.


وتعمل كناشطة حقوقية في مجال المرأة والطفل وتتعاون مع عدة جمعيات ومنظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان ولديها خبرات مكتسبة في القانون والمرأة ضمن المنظمات النسائية التي عملت بها وساهمت في أنشطتها ودوراتها قبل بداية الحرب في سوريا.


ولديها عدة دراسات في تطوير قانون العقوبات والعنف الأسري وجنوح الأحداث والزواج المبكر والعرفي والطلاق وغيرها من الدراسات والمحاضرات والندوات التوعوية والتثقيفية.


ولها اهتمامات في الابداع الأدبي والشعر وإصدارات عديدة منها: فراشة الليلك وحزمة الورد الأزرق ووجهك وطني ورحيل في فضاء الروح واعترافات صامتة.

أضف تعليق