كيري أمام الخوجة: الأسد فقد شرعيته بشكل كامل

بعض المحللين يرون أن الولايات المتحدة، تقودها غرائزها وليس أحاسيسها فيما يتعلق بالصراعات العالمية الحادة، وعلى هذا الأساس تتعامل مع الأطراف المتصارعة بالشكل الذي يتناسب مع تلك الغرائز، فتتعامل مع القوي برياء وممالأة، ومع الضعيف باستهتار وعنجهية.. الموقف الأميركي من الصراع الذي يجري على الأرض السورية، لا يخرج عن هذه المقولة، فهو يتأرجح بين هذا الطرف أو ذاك، بحسب المستجدات على الأرض..
أميركا مع الأسد ومع أقلّيته ما دام يستطيع أن يحكم سوريا بقبضة من حديد، وتغض الطرف عن كل الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب السوري، كما تتجاهل تدخل لإيران وحزب الله في سوريا ومشاركته بارتكاب الجرائم هناك..
وفي الوقت نفسه كانت تنظر إلى الثورة السورية المشتتة إلى فصائل غير متجانسة ولا متعاونة فيما بينها، من منظور الاستهتار والاستخفاف ووضع العصي في طريق توحّدها ونجاحها، وكذلك فعلت مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا..
بالأمس.. عندما كانت إيران في أوج عنجهيتها، وكانت تتحكم بمصير أربع عواصم عربية، كما تقول، وتصنّع للأسد انتصاراً هنا وآخر هناك ضد قوى المعارضة، كان كيري رئيس الدبلوماسية الأميركية يحابي الأسد وقبله إيران، ويدعو المعارضة السورية إلى التفاوض مع الأسد لإنهاء الصراع.. وكأنه يريد أن يقول؛ ارضخي لإرادة الأسد، فهو باق على رأس الحكم في سوريا..
اليوم تغيّر الوضع على الأرض، فقد تم إنشاء تحالف عربي وتدخّل في اليمن عبر ” عاصفة الحزم ” ضد الحوثيين الذين أعمتهم الانتصارات الأولية، واستطاع هذا التحالف أن يحدّ من رعونة أولئك الحوثيين، وأن يبدد أحلام الإمبراطورية الفارسية..
وربما هذا التحالف نفسه بقيادة السعودية وبالتعاون مع تركيا كان وراء انتصارات قوى الثورة السورية في إدلب ومن قبلها درعا، وهذا ما جعل موازين القوى تتغير كثيراً على الأرض، وبدأت ملامح سقوط الأسد تبدو واضحة في المدى المنظور للكثير من المراقبين..
أمام هذه التغييرات اضطرت أميركا أن تدعو خالد خوجا رئيس الائتلاف السوري لزيارة أميركا، فهي لا تريد أن يسقط الأسد دون أن يكون لها يد في ذلك، فيوم أمس استقبل جون كيري الخوجا، وكان تصريحه ملفتاً، فقد كان سعيداً لأنه يستقبل رئيس الائتلاف، وعبر له عن مشاعره بأن الوضع في سوريا كارثي، وله تأثير سلبي عميق، ولاسيما أن ثلاثة أرباع السكان في سوريا أصبحوا نازحين، داخل سوريا وخارجها..
كما استطاع كيري أن يرى بعد أربع سنوات من الصراع الدموي أن تجمعات سكانية بأكملها قد دُمرت، وأن الأطفال والنساء والأبرياء والعاملين في المجال الطبي، يتم استهدافهم بالبراميل المتفجرة من الجو “..
والمشكلة الأخرى، كما يراها ” كيري ” أن الأسد ينشغل بتدمير البلاد من أجل مصلحته الشخصية من ناحية، ويجذب الإرهابيين للقدوم إلى سوريا من ناحية أخرى.. من هنا يقرر كيري: أن هذا النظام فقد كل احساس بأي نوع من المسؤولية تجاه شعبه، وبالتالي فقد الشرعية كاملة، وأنه لن يكون جزءاً من مستقبل البلاد على المدى الطويل.. ولذلك يجب أن يكون هناك انتقال من نظام الأسد الى حكومة تمثل جميع أبناء الشعب ويمكنها إصلاح هذا الضرر الاستثنائي الذي لحق بسوريا وتوحّد البلاد وتحمي جميع الاقليات..”..

هذا التحول في الخطاب الأميركي تجاه الصراع السوري، جعل الكثيرين يعلقون على تصريح جون كيري، وينتقدون السياسة الأميركية تجاه سورية منذ أربع سنوات وحتى الآن، ولذلك علق أحدهم مخاطباً كيري بالقول: طالما أن عندك كل هذه المعلومات الدقيقة المأساوية الكارثية، فلماذا تتفرجون فقط منذ سنين..!! “..
ويقول غيره في تعليق آخر رداً على كلام كيري عن ضرورة حماية الأقليات: صدعتم رؤوسنا بالأقليات.. الاكثرية السنّية أفناها الاسد، ولم نراكم تتحركون.. الآن عندما أصبح العلويون في خطر تحركتم..!!.. لماذا لم تدافعوا عن الاقلية السنية في العراق..!!؟.. “. ويضيف صاحب التعليق موضحاً: لم يقترب أحد من الاقليات، ولا نريد إلا سقوط الأسد، ولم نُرد من قبل أكثر من ذلك.. “..
ويقول آخر مخاطباً الخوجا: لولا سواعد المقاتلين ما استقبلك ( كيري )، وما عمل لك قيمة..”..
وأخيراً نختتم بالتعليق التالي: إسقاط نظام الأسد، في حال تم ذلك، يُعدّ نقطة تحول هامة في سوريا الجديدة التي تمثل تطلعات كل مكونات الشعب السوري حتى يستطيع أن يلملم جراجه ويستعيد عافيته ويرسم مستقبلاً باهراً مليئاً بالمحبة والسلام.. “..

أضف تعليق