تطورات قتالية مهمة جرت مؤخراً في سوريا، أدت إلى تقدم قوات المعارضة في الشمال والجنوب، حيث أصبحت معظم مناطق إدلب وجزء من منطقة الغاب محررة من قوات النظام السوري التي انهارت بشكل شبه كامل هناك، بالإضافة إلى التقدم الذي أحرزته قوات المعارضة في الجنوب واستراتيجيتها المستقبلية في التقدم نحو دمشق..
هذه المعطيات يعيها النظام السوري، ويشعر أنه الآن في وضع لا يحسد عليه، وأن دمشق أصبحت مهددة على المدى القريب، ومن أجل إبعاد هذا التهديد أو التقليل منه يحاول أن يبدأ بالأولويات، ويلتفت إلى المناطق الأكثر خطورة عليه..
من وجهة نظر النظام أن جبهة إدلب بعيدة عن دمشق الآن، ولذلك لا خطر عليها من هناك في المدى المنظور، ولكن الخطر يكمن من جبهة الجنوب القريبة من العاصمة، فقوات المعارضة تزداد تماسكاً وتحرز تقدماً بين يوم وآخر وتقترب شيئاً فشيئاً من دمشق..
ولكي يبعد النظام خطر هذا التقدم راح في الآونة الأخيرة يعزز جبهته الدفاعية في منطقة الكسوة، فبحسب ما أفاد مراسل ” مرآة سوريا ” هناك أن قوات النظام تقوم بتحصين مدينة الكسوة والجبال المحيطة بها، فالآليات تعمل بشكل يومي في تلة اللواء 75 وخاصة على جبلي المانع والضييع، إضافة إلى تحصين الحواجز المحيطة بالمنطقة ورفع السواتر الترابية حولها.. كل هذه الاجراءات بالطبع تعكس التخوف الكبير من احتمال اقتراب ثوار درعا من الغوطة الغربية..
ويضيف المراسل: وترافق ذلك قيام قوات النظام بقطع أوصال المنطقة بإقامة المزيد من الحواجز واعتقال المدنيين واستمرار القصف على الأماكن السكنية، والتضييق على الأهالي من أجل فرض المصالحة وبالشروط التي يريدها النظام..
ويشير المراسل إلى أن قوات النظام في منطقة الكسوة ليست بالقوة التي تعينه على الصمود أمام تقدم ثوار درعا، فهي أقرب إلى التشتت، مع الافتقار إلى الاعداد الكبيرة من العناصر القتالية في كتائبه العسكرية المحيطة بالمنطقة، ولكن قوة النظام تكمن بنقاطة المتمركزة في الجبال المحيطة وبالسلاح الثقيل من مدافع وصواريخ..
ويفيد المراسل أن معلومات مسربة إلينا من قبل أحد الضباط الذي لا يزال على رأس عمله، تؤكد بأنه في حال قيام الثوار بمهاجمة الفرقة التاسعة والخامسة في درعا، وتعرضت هاتان الفرقتان إلى خطر السقوط، فإن النظام سيعمل مباشرة على سحب الفرقتين إلى منطقة الكسوة التي تعدّ خط دفاعه الأول عن العاصمة دمشق.. وفي الوقت نفسه، سيقوم بقصف درعا بجميع أنواع الأسلحة وغاز الكلور..
وإضافة إلى ذلك، وفي حال تقدم ثوار درعا نحو منطقة الكسوة، فإن النظام يخشى من تحرك ثوار داريا وفتح جبهة من الخلف ضد قواته المتواجدة هناك، ولذلك فإنه يحاول بشتى الوسائل أن يفرض الهدنة على أهالي داريا، ويضغط عليهم بهذا الاتجاه من خلال اعتقال العديد من أهالي مدينة داريا النازحين إلى منطقة الكسوة وغيرها.. ولكن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن هذا الضغط لن يؤدي إلى نتيجة، فأهل داريا وثوارها يرفضون أية مصالحة مع النظام، وهذا ما يجعل قوات النظام في وضع متقلقل والمعنويات في الحضيض..