الصحفي السوري عبو الحسو في حوار خاص لمرآة سوريا: المهاجرون هم من صنع حضارة البلاد التي هاجروا إليها

فرضت الحرب الدائرة في سوريا منذ انطلاقتها عام 2011 واقعاً صعباً على اللاجئين اللذين تركوا منازلهم وفروا بأرواحهم طلباً للأمان أو الحلم بعيش سعيد وبدؤوا بممارسة حياتهم الجديدة وطقوسها المختلفة فصبغوها بألوانهم السورية المميزة وطبعوها بطابعهم الخاص.

الصحفي السوري المهتم بالشأن التركي عبو الحسو وفي تصريح خاص لمرآة سوريا قال : "إنه وعبر التاريخ كان المهاجرون هم من صنع الحضارات والمدنية في البلاد التي هاجروا إليها غزواً أو بحثاً عن حياة أفضل أو لأسباب أخرى فهجرة النبي الكريم خير شاهد ودليل على ذلك والتي أصبحت تاريخاً فاصلاً وعلامة فارقة في تاريخ البشرية".

وأضاف الحسو أن " وضع المهاجرين في أميركا وأوروبا كان، وسيكون الأمر نفسه مع السوريين أينما حلوا ورحلوا، فاليوم نسمع عن نجاحات باهرة يحققها السوريون في مختلف أصقاع الأرض وتركيا ليست استثناءً وإن كانت إبداعات السوريين ظهرت بشكل أكبر في باقي البلدان".

وأرجع الصحفي عبو الحسو بطء اندماج السوريين مع أقرانهم الأتراك إلى عدة أسباب وقال:" العدد الكبير للسوريين في تركيا وعدم تعلم اللغة التركية لانتفاء الحاجة إليها عند الكثيرين وتوقع الكثيرين وأملهم بالعودة القريبة للوطن وتأخر صدور القوانين التركية المساعدة على الاندماج وردة الفعل السلبية من قبل بعض الأتراك تجاه السوريين وبالعكس لاختلاف بعض العادات والتقاليد اليومية رغم تقاربها في كثير من الأحيان وكذلك الأحكام المسبقة الموجودة عند البعض لدى الطرفين تجاه بعضهم البعض عوامل أخرت وأبطأت الاندماج".

وتابع الحسو قائلاً:"قرارات التجنيس الأخيرة ودمج الطلاب السوريين في المدارس التركية مع كل سلبياتها الأولية ومنح أذونات عمل للسوريين وإعطاء الأولوية في الجنسية الاستثنائية لمن يملكها عوامل ستساعد على الاندماج وستبرز تفوق السوريين على أقرانهم الأتراك في مجالات مختلفة في المستقبل القريب".

ورأى الصحفي المهتم بالشؤون التركية أن الحروب دائماً تخلف مهاجرين دائمين في البلدان التي نزحوا أو هاجروا إليها والموجودون في تركيا ليسوا استثناء من هذه القاعدة وقال:"حتماً سيبقى بعضنا في تركيا وإن انتهت الحرب وعاد الاستقرار إلى بلادنا، فمن ولد هنا أو أكمل تعليمه الجامعي وعمل ومن استثمر ونجح لن يعود بسهولة وحتى أن جزءاً من العائدين قد يبقى هنا ويعود قسم أي بمعنى ستبقى العائلات مرتبطة هنا وهناك في بلدنا وكلما تقادم الزمن وتأخر الحل في بلدنا ستكون احتمالية البقاء والعدد اكبر".

وأضاف الحسو :"عندما أتيت إلى عنتاب في شهر تشرين الأول عام 2012 كانت المحلات تغلق في الساعة 8 مساءً وتتوقف المواصلات العامة  في الساعة 10 مساءً، وأذكر مرةً كنا عائدون من زيارة صديق في الساعة 10.30 مساء بينما قطع الشارع بشكل عرضي طفل أزعج السائق وأثار غضبه قائلاً: أليس له أهل؟ كيف يتركونه يخرج في منتصف الليل؟".

ولفت الحسو إلى أن " مدينة عنتاب باتت اليوم لا تنام حيث تنشط فيها حركة اقتصادية وثقافية وسياسية كبيرة جداً، والمحلات لا تغلق أبوابها حتى ساعة متأخرة من الليل وكذلك المواصلات العامة أصبحت تعمل لغاية منتصف الليل وتجد أيضاً المنتديات الثقافية والمحاضرات والأنشطة والفعاليات التي تنظمها مختلف المنظمات والمؤسسات السورية".

وعن الطابع الذي يميز مدينة عنتاب اليوم قال الحسو:"تغيرت معالم المدينة لدرجة قد تخال نفسك في بعض شوارعها وكأنك في حي من أحياء حلب، فقد طبعها السوريون القادمون معظمهم من مدينة حلب بطابعهم الخاص فالمطاعم والأكلات الحلبية وطريقة اللباس والكثافة التي يشكلونها في بعض الأحياء مثل وسط المدينة في الشارع الإيراني "الذياصبح" اسمه الدارج شارع السوريين وكذلك "قراطاش" و"بيرلي كايا" و"محلة وطن" و"كارشي ياكا" وغيرها.

ورداً على سؤال حول دور المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني أجاب الصحفي الحسو قائلاً:"تتواجد المئات من المنظمات السورية والأحزاب والتيارات السياسية والثقافية في عنتاب لكن ما زال الكثير منها بعيداً عن تقديم حلول للسوريين المتواجدين في عنتاب، البعض منها يدعي بأن نشاطها بالكامل موجه للداخل والبعض يشتكي من قلة الدعم رغم كثرتها ووفرتها والبعض جلس في برج عاجي وأصبح لا يرى ولا يُرى ابتعد عن الحالة السورية وربما بات يخجل حتى من سوريته ، والبعض الآخر يشتكي من القوانين والأنظمة وضعف التواصل مع الجهات التركية لتسيير أمورها التي تنحل في كثير من الأحيان بتوظيف شخص يجيد اللغة التركية".

وأشار الصحفي الحسو إلى أن "الأرقام الرسمية تشير إلى وجود حوالي 3 ملايين سوري على الأراضي التركية في حين أن الأرقام الفعلية تقارب 3.5 مليون على أقل تقدير لوجود الكثيرين الذين ما زالوا بلا قيود لأسباب متعددة".

وختم الصحفي المهتم بالشأن التركي قائلاً:"قد يطول بقاؤنا في تركيا أكثر من ذلك، لذا المطلوب منا هو الاندماج مع المجتمع التركي بتعلم لغتهم أولاً وتعزيز المشتركات بيننا والتخفيف من حدة المختلفات، فقدرنا أن نعيش ونتعايش مع بعضنا البعض فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وعلينا تقبل بعضنا البعض لأن تاريخنا وماضينا واحد وكذلك حاضرنا  ومستقبلنا أيضاً واحد".

واستقبلت تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين الموزعين على مخيمات لجوء وفي مدنها وبلداتها واتبعت سياسة "الأبواب المفتوحة" حيالهم فتدفقوا بمئات الآلاف واحتضنتهم دون تحديد عددهم وسمحت لهم بالتجوال في كافة أرجائها وفق القوانين التركية.

ووفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن عدد اللاجئين السوريين في تركيا بلغ قرابة مليونين و800 ألف لاجئ مُسجلين بشكل رسمي.

صهيب الابراهيم – خاص مرآة سوريا

أضف تعليق