الحرب السورية رمت بظلالها السوداء على نواحٍ عديدة في المجتمع السوري ومتطلباته المعيشية والحياتية، ولعلّ قطّاع التعليم يعد من أبرز القطاعات المتضررة خلال الأربع سنوات الماضية.
الأديبة “ابتسام شاكوش” ابنة مدينة اللاذقية وجدت نفسها بعد رحلة اللجوء في مخيّم “جيلان بينار” جنوب تركيا، وشعرت بالحريّة الفكرية التي كانت قد منعت عنها في سوريا بفعل سياسة نظام الأسد في التوجيه الفكري لمواطنيه، فأسست “المركز الثقافي في مخيّم جيلان بينار”.
“مرآة سوريا” قابلت الأديبة “شاكوش” التي قالت حول تأسيس هذا المركز:” جئت الى هذا المخيم منذ سنة ونصف، وجدت فيه عطشًا شديدًا للعلم والتعلم، والوسائل المتاحة فيه غير كافية، فكرت بإقامة مركز ثقافي يجمع الجهود والمواهب ويروي بعض هذا الظمأ للثقافة الحرة بعيدًا عن أي تسييس أو رقابة سوى رقابة الضمير”.
وحول الظروف التي أسس بها المركز، أكّدت “شاكوش” أنّ تأسيس “المركز الثقافي في مخيم جيلان بينار” تم بناءً على جهود شخصية فرديّة، بعد أن قامت بعرض الفكرة على العديد من الأشخاص والمنظمات المختصّة بهدف تمويل هذا المشروع، إلا أنها قوبلت تارة بالرفض، وبالوعود التي لم يف بها أصحابها تارة أخرى.
ومع وجود الفكرة وانتشارها في المخيّم الذي يقطنه نحو 25 ألف لاجئ سوريّ، قررت “شاكوش” إنشاء المركز بدون أي جهّة داعمة أو ممولة، فأعلنت عن ذلك على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وطلبت ممن يستطيع أن يتبرع بالكتب أو المواد الأدبية ألا يتوانى عن ذلك، قالت “شاكوش”: وهكذا. صار لدينا مركز ثقافي بجهود ذاتية، وبكتب جاءت تبرعًا من الأصدقاء، وكلنا يعمل في المركز بلا أجر ولا مكافأة من أحد”.
المشروع لاقى إقبالًا كبيرًا من شرائح المثقفين في المخيم، من المعلمين الذين يقارب عددهم ال 300 معلّم، ومن الطلّاب الذين يقدر عددهم بنحو سبعة آلاف طالب وطالبة من مختلف الفئات العمرية، فكان متنفسًا ثقافيًا لهم في ظلّ قسوة اللجوء وحرمانه.
وحول الأهداف التي وضعها المشروع قالت “شاكوش”:” نرمي من إقامة هذا المركز إلى نشر الوعي والثقافة الإنسانية بكل أشكالهما من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات التثقيفية والأمسيات الأدبية، بهدف حماية شعبنا من الفكر المتطرف الخاطئ”.
وأضافت:” يهدف المركز أيضًا إلى تجميع الجهود الثقافية وتنميتها، وتشكيل حاضنة ثقافية للمواهب الفكرية المختلفة”.
وحول نشاطات المركز قالت “شاكوش”: في المركز قاعة للمطالعة افتتحت بعد أن تبرّع الأصدقاء في دول الجوار بعدد من كتب مكتباتهم، ويقيم المركز أيضًا مسابقات ثقافية وأدبية، ويعدّ لقاءات صحفية مصوّرة مع المبدعين يُصار إلى نشرها في المجلات المتاحة، كما يقوم المركز بتوزيع المنشورات الثقافية داخل المخيّم، إضافة إلى نقاشات مفتوحة وندوات وحوارات مع الجمهور في المحاضرات العلمية والثقافية المختلفة”.