مانشيت | ما حقيقة الإعلان عن الجيش السيجري الوطني؟

بعد أن أعلن عن إنكاره لممارسة تركيا أي ضغوطات على المجتمعين في أنقرة للقبول بالمشاركة في اجتماع الأستانة المرتقب دون شروط مسبقة، كان من الغريب والمفاجئ أن يقوم على الفور بالإعلان عن تأسيس جيش سوري وطني جديد بدعم وإشراف تركي مباشر، وكأن ممارسة تركيا للضغوط على الوفد أمراً مستغرباً ومرفوضاً لديه ويمس كرامة الفصائل واستقلالها، بينما يعتبر قيامها بتشكيل جيش من مقاتلي الفصائل أمراً مقبولاً ومرحباً به، ويكون السيجري بدعوته وترويجه للجيش الوطني قد أكد وجود الضغوط فعلاً بدلاً من أن ينفيها، لا بل يزيد عليها تبعية كاملة لعدد من الفصائل للجيش التركي تحت راية الجيش الموعود.


في التمهيد لمشروع الجيش قال السيجري إن الفصائل لا تمثل الثورة السورية بل هي حالة مؤقتة فرضها الأسد بإجرامه ويقتصر دورها على حماية إرادة الشعب، وللشعب أن يقول كلمته في الميدان، ولم يفهم من كلام السيجري ما هي التغيرات التي طرأت على دور الفصائل ودور الشعب في الميدان.


ينتقل بعد ذلك السيجري للحديث عن مشروع الجيش الوطني فيقول إنه يتشكل من أبناء الثورة السورية وبدعم كامل من الأتراك وصولاً لإلغاء الحالة الفصائلية، كما يعلن أن الالتحاق بذلك الجيش واجب وضرورة لمن أراد بناء سورية المستقبل سورية الثورة، بعيداً عن التكتلات والتحزبات وأمراء الحرب والمصالح الشخصية، واستمر السيجري ليعلن في تغريدته الثالثة حول الموضوع بأن نواة الجيش الموعود وكوادره القيادية تتكون من النخب والكفاءات وأصحاب الخلق الطيب والعقيدة الصحيحة والشباب المؤمن حتى لا تتم إعادة تجربة جيش الأسد كما قال.


يمكن إيراد الملاحظات الأولية التالية على الإعلان السيجري التويتري ثلاثي التغريدات لإنشاء جيش وطني سوري
_
نعم لم تكن الفصائل يوماً غاية بحد ذاتها بالنسبة للثورة السورية، وجاءت كرد فعل على إجرام الأسد وهذا صحيح، وجرت محاولات كثيرة لإنشاء جيش حر موحد بعلم ورعاية تركية مباشرة وقبل ظهور الكتائب وأمراء الحرب ولكنها باءت بالفشل وانتهت بشرذمة كبيرة للكتائب والفصائل وتحول قسم كبير منها باتجاه التشدد والابتعاد عن أهداف الثورة.

وبقيت تساؤلات كثيرة تطرح لماذا تم وضع الضباط المنشقين في المخيمات بدون اي عمل او مهام؟ ولماذا لم تقم تركيا بدعمهم وإعادة تأهيلهم وتشكيل جيش وطني يكونوا هم نواته الصلبة؟ ما الذي تغير لتقوم تركيا بتغيير استراتيجيتها حول الموضوع؟ أم أن جيش السيجري الموعود ليس أكثر من فصائل تحظى بدعم وإشراف تركي لتنفيذ ما يطلب منها من مهام لصالح تركيا وأمنها القومي؟.


_ يدعو السيجري للالتحاق بجيشه الموعود ويعتبر ذلك واجب وضرورة لمن أراد بناء سورية المستقبل سورية الثورة وهذا كلام جيد كما يبدو للوهلة الأولى، خاصة مع دعوة السيجري للابتعاد عن التكتلات والتحزبات وأمراء الحرب والمصالح الشخصية، وبالطبع من التجارب الكثيرة السابقة الفاشلة لا يمكن توقع أو انتظار تحقق أي شيء من هذا الكلام المعسول، إلا إذا تم وضع الجيش الموعود تحت إمرة الجيش التركي ليقوم بالإشراف عليه بشكل مباشر وهنا تنتفي عنه صفة الجيش الوطني السوري.


_ في التغريدة السيجرية الثالثة يتحدث عن تشكيل الجيش من النخب والكفاءات وهذا شيء جيد، لكن ماذا عن أصحاب الخلق الطيب والعقيدة الصحيحة والشباب المؤمن الذين يريد السيجري أن يتكون منهم جيشه الموعود؟ وهل يبقى الجيش وطنياً مفتوحاً للجميع أم محصوراً ومخصصاً لفئة المؤمنين الأتقياء؟ وهل سيقوم السيجري نفسه بتحديد معايير الخلق الطيب والعقيدة الصحيحة ومن ثم سيقيس درجة إيمان المنتسبين للجيش؟ ألا يكفي ما لحق بالثورة من خلال أخوة المنهج وخلافاتهم وانشقاقاتهم التي لا تنتهي والتي أوصلت الثورة لحالة سيئة وسمحت لجيش الأسد وميليشياته من التقاط أنفاسهم ومباغتة الثورة من جديد؟.


يبدو أن مشروع السيجري يتطابق مع مشاريع أخوة المنهج لا أكثر ولا أقل، لكن الرجل يظن ويعتقد … ويسعى للترويج بأن تركيا هي التي ستقدم الرعاية والدعم الكامل للجيش السيجري الموعود وهذا لن يحصل بكل تأكيد، تركيا دولة ديمقراطية لا يمكن أن تجيز مؤسساتها دعم جيش خارجي مكون بطريقة السيجري لكنها بكل تأكيد لها مصلحة في احتضان المزيد من الفصائل والكتائب ووضعهم تحت تصرفها ليتحركوا وفق مصالحها القومية وأجندتها السياسية ومن خلالها تستطيع أن تصبح لاعباً مؤثراً في الملف السوري وهو ما قامت به من قبل بالفعل من خلال درع الفرات، وفي أحسن الأحوال فإن السيجري يمكن أن يلبي حاجة ماسة للأتراك لكنه لن يصبح قائداً للجيش السوري الوطني الموعود ….أو المزعوم

أضف تعليق