رحلة العبور إلى تركيا.. عمليات نصبٍ واستغلال يتعرض لها السوريون من أبناء بلدهم في المناطق المحررة

بعد أن أغلقت جميع الدول الحدودية مع سوريا أبوابها في وجه الشعب السوري، وفرضت قوانين صعبة للدخول إلى أراضيها، بقيت طريقة "التهريب" إلى تركيا الأمل الوحيد لدى السوريين الراغبين بالهروب من خطر القصف والاعتقال، رغم الصعوبات التي يعانوها أثناء عبورهم الحدود.

يخوض السوري الراغب في العبور إلى تركيا رحلةً شاقةً، يتعرض خلالها لاستغلال المهربين من أبناء بلده وابتزازهم، ولعمليات نصبٍ وكذب، يحرصون خلالها على تحصيل أكبر قدر ممكنٍ من المال، من ذلك الراغب في العبور إلى الأراضي التركية.

كانت رحلة العبور من سوريا إلى الأراضي التركية منذ سنتين سهلةً لا تستغرق أكثر من ساعة ونصف إلى الساعتين سيراً على الأقدام، وبمبلغ بسيطٍ على الشخص الواحد لا يضاهي شيئاً أمام المبالغ التي يطالب بها المهربون مؤخرأ، إلى أنها أصبحت حالياً "رحلة موت" كما وصفها البعض لموقع مرآة سوريا، وذلك بعد أن شدّدت شرطة الحدود التركية الرقابة على مناطق التماس مع سوريا، وخاصةً بعد التفجيرات التي ضربت مدنًا مختلفة من تركيا.

وترتفع نسبة الإقبال على عمليات التهريب إلى تركيا عقب كل عملية تهجير قسري يقوم بها النظام وحلفاؤه في مناطق مختلفة من سوريا.

يروي "أبو محمد" أحد أبناء مدينة حمص، لموقع مرآة سوريا، رحلة عبوره إلى الأراضي التركية، ويقول "وصلت إلى مناطق ريف إدلب الحدودية مع تركيا في أول أيام رمضان من العام الماضي، وتوقعت أنه خلال ساعات سأعبر تلك الحدود، وأدخل الأراضي التركية، إلى أن رحلتي تلك استمرت 20 يوماً من المحاولات الفاشلة".

يقول "أبو محمد" عند وصولي المناطق المحررة الحدودية مع تركيا، عَرض علي شخصٌ من أبناء المنطقة أنه سيؤمنني عند مهرّبٍ مضمون وخبير في طرق التهريب، مقابل أن أعطيه 150 دولار، فقبلت لأنني كنت مضطراً على ذلك، وعند وصولي إلى منزل المهرب، اتفقنا على مبلغ 400 دولار تكلفة تهريبي إلى تركيا، وتوّعد المهرب بأن الرحلة ستكون سهلة لا تستغرق نصف ساعة، إلى أنها في الحقيقة استغرقت أربع ساعات وكان الطريق وعرٌ ومتعب، وباءت بالفشل، حيث ألقت الشرطة التركية" الجندرما" القبض علي وعلى 20 شخصاً برفقتي بينهم نساء وأطفال وأعادتنا إلى نقطة البداية.

يؤكد "أبو محمد"، خلال جميع محاولاتي الفاشلة في العبور لم يكن المهربون يرافقوننا بل كانوا يرسلون شباناً لا تتجاوز أعمارهم ال17 عاماً ويعرفون "بالدلّالة"، كما أشار إلى أن الاتفاق على الدفع، يكون نصفه قبل العبور والباقي بعد العبور، وفي حال فشل الوصول إلى الأراضي التركية، يعيد المهرب المال الذي استلمه إلى صاحبه.

يوضح "أبو محمد" أن المهربين يعتمدون أساليب مختلفة لتحصيل الأموال من الناس، أحدها أنه يدعي تأمين إذنٍ عسكري من الشرطة التركية لعبور الحدود بسهولة، إلى أن هذه الطريقة تكلّف مبلغاً أكبر من الطريقة المعتادة، حيث يطلب المهربون مبلغ 700 دولار على الفرد الواحد، إلى أن ذلك يكون كذباً، فالحظ في هذه الحالة يلعب دوراً حيث كان البعض يوافق على دفع المبلغ فيستطيع العبور ويعتبر أن ذلك تم بواسطة الإذن العسكري.

كما يَعرُض آخرون على العوائل تهريبها عبر باب الهوى في سيارة إسعاف، مقابل مبلغ 1200 دولار على الفرد لكن طريقة الدفع مختلفة، حيث يتم الدفع أولاً وفي حال فشلت العملية لا يعيد المهرب المال إلى صاحبها.

تصف "أم فايز" لموقع مرآة سوريا، رحلتها إلى تركيا برحلة "الموت" مضيفةً "حين عبرت مع طفلاي الحدود ووصلت إلى تركيا بعد عدة محاولات فاشلة، كأنني "انتقلت إلى الحياة من جديد".

إقرأ أيضًا: شبكات الإنترنت في الشمال السوري والصعوبات التي تواجه المستثمرين – مرآة سوريا

تصل تكلفة التهريب المعتادة لل"رأس الواحد" كما يقول المهربون إلى 400 دولار، أما بالنسبة للعائلات فإن تكلفة تهريب طفلين عمرهما أقل من 10 سنوات بنفس تكلفة الفرد الواحد، أما الأطفال ما فوق ال 10 أعوام حالهم كحال الفرد البالغ.

ويتعامل بعض المهربين مع أشخاص يعترضون طريق السوريين إلى تركيا على أنهم قطاع طرق، من أجل الابتزاز والحصول على أكبر قدر ممكن من المال.

وتتزايد أسعار التهريب مع تشديد شرطة حرس الحدود التركية رقابتها على الحدود، كما يعتمد بعض المهربين ارتفاع سعر الدولار وهبوطه مقياساً لتحديد أسعار عمليات التهريب.

ويتساءل مراقبون عن دور فصائل المعارضة العاملة في المناطق الحدودية مع تركيا في مثل هذه الحالة، حيث نرى تجاهلها لأعمال المهربين وابتزازهم للناس، بل ويشارك البعض من عناصر تلك الفصائل في عمليات التهريب إلى تركيا ما يزيد من فرصة نجاح عملية التهريب كون تلك العناصر تتعامل بشكل مباشر مع جندرمة الحدود التركية وتنسق معها، وذلك حسب رواية بعض شهود العيان، في حين تُعتبر كثير من عمليات التهريب والتي لا تتم بالتنسيق بين الفصائل والجندرمة معرضة بشكل أكبر للفشل.

 

أضف تعليق