لا شك أن الاتصال اليومي بالإنترنت والتواصل مع الآخرين أصبح يشبه إلى حد كبير الخبز اليومي الذي لا يمكن للمرء الاستغناء عنه بحال من الأحوال، لذلك تبرز أهمية الولوج إلى الشبكة العنكبوتية للشعب السوري في المناطق المحررة والذي فقد جميع أنواع الاتصالات السلكية واللاسلكية بسبب الحرب التي تدور رحاها منذ 6 سنوات.
هذا وقد بدأت قصة الانترنت في الشمال السوري المحرر مع بداية الثورة السورية واتساع رقعة سيطرة المعارضة شمال البلاد حيث انتشر الانترنت الفضائي واقتصر وجوده على المراكز الإعلامية ومجموعة من الإعلاميين الذين كانوا ينقلون أحداث الثورة السورية، ثم مع بداية عام 2013م تم افتتاح بعض مقاهي الانترنت وزادت أعدادها بشكل ملفت وخاصة ضمن المدن فمدينة حلب كانت تضم العشرات من تلك المقاهي.
كانت فكرة اقتناء انترنت فضائي منزلي أمراً بالغ الصعوبة بسبب التكلفة العالية للتجهيزات والتي قد تتجاوز 1000$ فقط للصحن وجهاز محول الاشارة بالإضافة إلى الباقات الشهرية التي قد تصل إلى 150$ للباقة شهرياً وهذا يجعل اقتناءه للمستخدم العادي من المستحيلات.
في نهاية عام 2014م بدأت شبكات الانترنت اللاسلكية التي كانت تُستجر من الجارة تركيا بالظهور إلى العلن بشكل ملفت للنظر، حيث تميزت بسرعاتها العالية وتكلفتها المنخفضة كما كانت الميزة الأبرز في تلك الشبكات إمكانية وصولها لكل بيت ومع انتشار تلك الشبكات انتشرت أيضاً الهواتف الذكية وبأسعار منافسة جداً ما سهل على المستخدم الفقير الولوج إلى الشبكة فلم يعد تجد أحداً صغيراً أو كبيراً إلا وهو متصل بالإنترنت وعنده حساب فيس بوك أو واتس أب.
وحسب مراسلنا في إدلب أحمد الخطيب فإن شبكات الانترنت الضوئي المستجر من تركيا والذي مصدره ألياف ضوئية من نوع ميترو والذي يتم نشره عبر صحون ونواشر خاصة يتم استيرادها من تركيا حيث أن هناك صحون مرسلة من الأراضي التركية في مدينة الريحانية أو مدينة كلس وهناك صحون مستقبلة توضع على جبل الشيخ في دارة عزة في ريف حلب الغربي أو بلدة رأس الحصن في ريف إدلب الشمالي لتقوم الصحون المستقبلة بإعادة نشر الإشارة إلى كافة مناطق الشمال السوري المحرر لتصل إلى العمق في أرياف اللاذقية وحماة.
أما عن تكلفة الانترنت بالنسبة للمستخدم فأوضح مراسلنا أن سعر 1 جيغا بايت يتراوح بين 100 و500 ليرة سورية في حين سعر هذا سعر 1 جيغا للنت الفضائي يعادل 3000 ليرة مع اقتصار وجوده في المقاهي أو في بعض الأماكن العامة حيث يلجأ إليه بعض المستخدمين مع انقطاع الانترنت الضوئي والذي تقوم الشركات التركية بقطعه أحياناً بسبب أعمال الصيانة.
كما يستطيع المستخدم الحصول على باقة مفتوحة شهرية محددة السرعة وغير محددة في كمية الاستهلاك، فمثلاً تباع الباقة الشهرية المفتوحة مع سرعة 1 ميغا للرفع والتحميل بمبلغ 19 دولاراً أمريكياً.
يعتبر الاستثمار في مشروع لتوزيع شبكة الانترنت من المشاريع التي تدر أرباحاً جيدة لمن يملك رأس المال والكوادر المختصة في التركيب والصيانة كنه يحتاج لرأس مال مبدئي يصل إلى 20 ألف دولار أمريكي، وفي تصريح خاص لمرآة سوريا أخبرنا محمد ويسي أحد العاملين في شركة لتوزيع الانترنت في الدانا بريف إدلب الشمالي أن الشركات المستثمرة في الشمال السوري تشتري باقات مفتوحة السرعة بسرعة دنيا 50 ميغا بت وسرعات قصوى قد تصل إلى 2000 ميغا بت حسب حجم الشبكة وأخبرنا محمد أنهم اختاروا سرعة 100 ميغا بت ويدفعون شهرياً 2000 دولار للشركة المزودة في تركيا.
إقرأ أيضًا: رحلة العبور إلى تركيا.. عمليات نصبٍ واستغلال يتعرض لها السوريون من أبناء بلدهم في المناطق المحررة
وتواجه أصحاب شبكات الانترنت الضوئي مصاعب جمة في الحفاظ على استقرار الشبكات وايصال الخدمة بالشكل الأفضل للمستخدمين، فغياب التيار الكهربائي المستمر إحدى أكبر تلك الصعوبات ما يدفع أصحاب الشبكات إلى اللجوء إلى البطاريات التي تشحن أثناء وصول التيار من مولدات الأمبير أو من خلال ألواح للطاقة الشمسية التي تنصب بالقرب من النواشر.
كما تواجه أصحاب الشبكات مشكلة التعرض للتجهيزات وسرقتها فهناك عصابات متخصصة في سرقة النواشر أو البطاريات ما يتسبب بخسارات مادية مستمرة للمستثمرين في تلك الشبكات.