النفط ينهي شهر العسل بين النظام وإيران

تصاعدت أزمة توفير الطاقة بكل أشكالها في مناطق سيطرة النظام وباتت مناظر الطوابير الطويلة للباحثين عن وقود حالة عادية حتى في العاصمة دمشق نفسها كما أن ساعات تقنين الكهرباء ارتفعت بشكل متزايد وغير مسبوق.

 
أثرت الطاقة بشكل سلبي دوماً على الاقتصاد السوري قبل الثورة وكانت حكومات النظام تعاني من توفير النفط ومشتقاته بأسعار مدعومة متناسبة مع القدرة الشرائية للمواطن العادي، مما كبد الخزينة العامة خسائر كبيرة إضافة لاستنزاف مستمر لاحتياطي العملات الصعبة اللازمة لاستيراد ما يعادل نصف الاحتياجات المطلوبة من المشتقات النفطية، ولتلافي ذلك استجابت الحكومة لشروط صندوق النقد الدولي وقامت بالتوقف عن سياسات دعم السلع الأساسية والبدء بإجراءات تحرير الاقتصاد مما أدى لحدوث أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة في البلاد.
إثر خسارة النظام السيطرة على مناطق حقول النفط في الشمال والشمال الشرقي من البلاد بدأ يواجه مشاكل في توفير الطاقة والمشتقات النفطية وترافق ذلك مع ازدياد الحاجة إليها لتغطية احتياجات ألته الحربية في حربها ضد الشعب السوري، ورغم سعي النظام عبر وسطاء لتغطية العجز عن طريق أبار النفط التي يسيطر عليها تنظيم الدولة إلا أن ذلك لم يكن كافياً أو مستقراً بطبيعة الحال.

 
ازدادت متاعب النظام مع فرض عقوبات تمنع تزويده بالمشتقات النفطية ولكنه قام بتغطية بعض العجز من خلال روسيا وإيران بشكل رئيسي.

 
بعد أن قدمت إيران للنظام الكثير عسكرياً واقتصادياً يبدو أنها بدأت تريد العمل بسرعة لجني المكاسب في سورية استباقاً لأي تطورات محتملة في الملف السوري تضعف موقفها سواء من خلال التغيرات في المواقف الإقليمية والدولية أو من خلال احتمال التوصل لحل سياسي، ومن هنا نفهم السر وراء زيارة رئيس وزراء النظام الأخيرة لإيران للتوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية الهامة التي تشمل مرافق سيادية وتصب في صالح إيران بغية ارضائها وجعلها تستمر في تقديم الدعم، وكما يبدو فإن إيران تريد تحقيق المزيد من المكاسب السريعة ولذلك عادت من جديد لممارسة الضغط والابتزاز للنظام مقابل الاستمرار في تزويده بالمشتقات النفطية.

 
تسعى إيران للحصول على قاعدة عسكرية برية دائمة في سورية تقع في المنطقة الممتدة بين السيدة زينب ومطار دمشق الدولي وهي تريد بذلك مضاهاة القاعدة البحرية الروسية في سورية، ولكن النظام بات في وضع لا يسمح له بالاستجابة للمطامع الإيرانية الجديدة والتي سيتم منعها والاعتراض عليها من قبل الدول الإقليمية تركيا والسعودية واسرائيل ومن قبل الولايات المتحدة وحلف الأطلسي وحتى روسيا نفسها.

 
وصلت العلاقات بين النظام وإيران لمرحلة حساسة وحرجة كما يبدو، وبدأت إيران تطالبه بسداد ما يستحق لها من فواتير ضخمة نظير ما قدمت له من دعم عسكري واقتصادي كبير ساعد في منع سقوطه، ولأن النظام لم يعد لديه الكثير ليقدمه لإيران فإن العلاقات بين الطرفين مرشحة لمزيد من التصعيد الذي قد يتطور ليصبح علنياً وليشمل المجال السياسي والعسكري وليس الاقتصادي وحسب.

 
كانت العلاقات بين النظام وإيران تبدو وكأنها علاقات تحالف استراتيجي لا يمكن تفكيكها ولكن الواقع يدل أنها اقتربت من نهاياتها، فلا النظام يستطيع الصمود أكثر أو تقديم شيء لإيران ولا هي استطاعت تحقيق يوازي ما قدمته أو ما كانت تتوقع الحصول عليه في سورية.

أضف تعليق