بالرغم من هذا العمر المديد لا تزال حامدة، وهي في أرض اللجوء، تحلم أن تعود إلى وطنها سوريا وإلى قريتها وإلى بيتها المهدم..!!.. هكذا تبقى الأحلام جزء من حياة الإنسان مهما طال الزمن..
منذ 45 عاماً جاءت ” حامدة ” مع زوجها إلى لبنان، وسكنت في بر الياس فترة من الوقت.. وبعد هذا الزمن الطويل تغير الكثير في حياة ” حامدة “.. توفي زوجها، وفقدت بصرها، واليوم، ومع استمرار الحرب في سوريا، أصبحت ” حامدة ” لاجئة في لبنان.. أُجبرت حامدة على العودة إلى بر الياس بعد أن دمّرت قذائف المدفعية، وصواريخ الطائرات قريتها القريبة من الحدود اللبنانية السورية.
تقول ” حامدة “: في البداية، كنّا نسمع القصف من بعيد، ولكنه طال قريتنا في غضون بضعة أسابيع.. لهذا السبب تركنا القرية وهربنا، وجئنا إلى بر الياس مرة اخرى، ولكن ليس كما جئت إليها مع زوجي قبل 45 عاماً “. وهكذا انقلب عالم ” حامدة ” ابنة الــ 106 أعوام رأساً على عقب بين عشية وضحاها. بحسرة وأسف تقول ” حامدة ” من المنزل الصغير المستأجر الذي تتقاسمه حالياً مع ابنها الأصغر وعائلته: لعلّ الله اكرمني وسلبني بصري حتى لا أرى الدمار في بلادي”.
وتهمس حامدة، وكأنها تحاكي نفسها: حتّى لو انتهت الحرب وعدنا إلى بلادنا، وأعدنا بناء منازلنا، ثمة أشياء أخرى كثيرة لن نستطيع إعادة بنائها “.. وتضيف ” حامدة ” بحسرة، ربما لتفسر عبارتها السابقة: لم ينقسم السوريون يوماً، ولكن للأسف لن يعود الوضع يوماً إلى سابق عهده، فالنفوس تغيّرت “. هذه هي ” حامدة ابنة الــ 106 أعوام، فهل تعود قريباً وتتلمّس أحجار قريتها وجدران بيتها المهدم..!!؟.. الله اعلم..