اللاجئون السوريون في تركيا يستقبلون رمضان للمرة السابعة والغصة في قلوبهم

يستقبل اللاجئون السوريون في تركيا شهر رمضان المبارك للمرة السابعة بطقوسهم الاعتيادية والوحيدة التي جلبوها معهم بعد أن حطت رحالهم بعيداً عن وطنهم ليبدؤوا حياة جديدة وليصوموا رمضاناً بعد رمضان يحذوهم أمل بالعودة وممارسة أجوائهم السورية على مائدة الوطن.

يستذكر السوريون صوراً للشهر الكريم في بيوتاتهم تحت سقف العائلة التي باتت اليوم متفرقة في كل البلدان أب ارتضى البقاء في سوريا وأخ هاجر إلى أوروبا وآخر في تركيا وهكذا أصبح السوريون الذين أبعدتهم الحرب وذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بالحرية والكرامة.

وتكاد لا تخلو أسرة سورية لاجئة من وجود فراغ لأب أو أخ أو زوجة ما يسبب الألم للعائلة ويزيد من جراحها في ذلك الشهر الذي يتمناه السوريون أن يكون حاملاً الفرج والخير لبلادهم.

وليس الحنين والشوق إلى الحارات والأحياء السورية هو أكبر معاناتهم بل إن تأمين مستلزمات الحياة وسد احتياجات المنزل من أجور البيوت وفواتير الكهرباء والماء باتت تؤرقهم ليل نهار مع ارتفاع أجور المنازل حتى في الأحياء الشعبية وغلاء المواد الأساسية والغذائية وسط عدم المساواة في توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية المقدمة للاجئين السوريين في تركيا.

فاللاجئ السوري في تركيا يقضي معظم يومه في العمل على ماكينات الخياطة أو في المصانع أو أفران الخبز والسمون تجبره ظروف المعيشة القاسية التي تقصم ظهر الغني قبل الفقير ففي أبسط الأحياء الشعبية في القرى والبلدان بولاية هاتاي جنوب تركيا مثلاً تحتاج العائلة السورية لـ 300 ليرة تركية أجرة منزل متواضع مؤلف من غرفتين مع المنتفعات الصحية و بين 400 إلى 650 ليرة تركية لمنزل مؤلف من ثلاث أو أربع غرف مع منتفعاتها بحسب درجة نظافة وحداثة المنزل وإكسائه إضافة لـ 125 ليرة تركية لقاء فواتير المياه والكهرباء لأسرة صغيرة في منزل متواضع وترتفع تلك الفواتير بحسب العائلة والأدوات الكهربائية التي تمتلكها تلك العائلات.

وكل ما ذكرناه عدا عن مصاريف الغاز والمواد الغذائية والاستهلاك اليومي كالخبز وما شابه ذلك والذي لا يقل عن 600 إلى 750 ليرة تركية للأسرة الواحدة ما يرهق معيل الأسرة ويجعله في حيرة من أمره وتنازله للعمل بأصعب المهن وأخطرها على حياته وإن كان لم يعمل بها من قبل فكل ما يهمه كسب الرزق لعائلته التي تنتظره آخر اليوم لتقدم له قائمة الطلبيات والنواقص.

كما أن أصحاب المحلات والمطاعم السورية استعدوا لاستقبال هذا الشهر ولفت انتباه الناس لشراء المأكولات المتنوعة والمشروبات التي قد تبدو غير معروفة لدى الأتراك كالمعروك وشراب التمر هندي وغيره الكثير ما يجذبهم لتذوق أطباق السوريين في رمضان.

فئة من اللاجئين السوريين في رمضان لا يزالون يحلمون بالعودة إلى بلدهم ورغم الأجواء الإيجابية لرمضان في تركيا وطقوسه القريبة على الأجواء الرمضانية في سوريا إلا أنهم لن ينسوا تلك اللحظات الجميلة التي عايشوها بين أقاربهم وفي حارات بلداتهم وذكرياتهم وكل تفاصيل حياتهم.

فيما تعايشت الفئة الأخرى من اللاجئين السوريين في تركيا مع الواقع المؤلم الذي فرض عليهم وتأقلموا مع الحياة في تركيا بل وأسسوا أعمالهم ومشاريعهم على هذا الأساس لكن أنظارهم تبقى مشدودة على الوطن الذي يحمل كل شيء جميل بالنسبة لهم.

ويعيش في تركيا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري موزعين على معظم المدن التركية بينهم ممن فضلوا البقاء في القرى الحدودية القريبة من بلدهم سوريا والبعض اختار المدن الكبرى فلجأ إلى إسطنبول وأنقرة ومرسين بحثاً عن فرصة عمل تؤسس لحياتهم في بلاد الغربة إضافة إلى نحو 300 الف لاجئ سوري رماهم الفقر في مخيمات لجوء يعتمدون على المساعدات الإنسانية والغذائية وما تقدمه لهم الجمعيات والمنظمات الخيرية.

تركيا وعلى لسان مسؤوليها تقول إنها التزمت بما يقع على عاتقها بشأن اللاجئين وأنها ضبطت حدودها وانخفضت أعداد اللاجئين المهاجرين إلى أوروبا وفق الأرقام الرسمية في حين أن الاتحاد الأوروبي وافق على رفع القيود عن تأشيرات دخول المواطنين الأتراك إلى أوروبا لكنه لم يف بتعهداته تلك ولم يلتزم بما تم الاتفاق عليه بحسب المسؤولين الأتراك.

وأعلنت المفوضية الأوروبية في سبتمبر/أيلول من العام الماضي عن عزمها إطلاق برنامج “شبكات الحماية الاجتماعية الطارئة” (ESSN) برأسمال 348 مليون يورو والمتضمن تقديم منحة نقدية شهرية للاجئين المقيمين خارج المخيمات عن طريق كرت الهلال الأحمر التركي لشراء الأغذية والمستلزمات الضرورية وتوفير الظروف المعاشية اللائقة لمليون لاجئ في تركيا.

من جهته انتقد كبير المفاوضين الأتراك عمر تشيليك الآليات المتبعة في تسليم تركيا المساعدات المالية التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي معتبراً أن “الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي لتركيا فيما يتعلق باللاجئين ليس كافياً على الإطلاق ولا يزال على مستوى منخفض”.

والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي تعهد في مارس/آذار من العام 2016 بتقديم الدعم المالي للحكومة التركية عن طريق تخصيص 3 مليارات يورو في غضون العامين 2016-2017 لمساعدة اللاجئين السوريين في تركيا.

 

أضف تعليق