الدراسة الجامعية للطلبة السوريين المقيمين في تركيا

حرمت الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات، آلاف الطلبة السوريين من إتمام تعليمهم، فأغلبهم من تركوا تعليمهم وهم في الجامعات والمعاهد، هرباً من اعتقالات النظام التي لا ترحم أحد، ورفضاً للالتحاق بصفوف جيشه، وبعضهم من أُجبر على السفر خارج البلاد، بحثاً عن مكان أكثر أمناً، نتيجة القصف والدمار وسياسات التهجير التي يتبعها الأسد وحلفاؤه في العديد من المناطق السورية.

يتواجد آلاف الطلبة السوريين داخل الأراضي التركية، منهم من انتهى حديثاً من المرحلة الثانوية متجهزاً للدخول إلى الجامعات، ومنهم من كان طالباً في سوريا وأُجبر على ترك دراسته راغباً في استكمالها من جديد.

مفاضلة الطلاب الأجانب في الجامعات التركية

يستعد العديد في هذه الأثناء للمفاضلة على الجامعات التركية، التي فتحت أبواب التقديم أمام الطلاب الأجانب خلال الشهر الجاري.

وتختلف كل جامعة عن الأخرى من حيث موعد إعلان التسجيل وانتهاءه، وطرقه سواءً كان التسجيل مباشر من خلال تقديم الأوراق المطلوبة مباشرة إلى الجامعة، أو عن طريق الموقع الإلكتروني، ويمتد التسجيل لشهور ولا ينتهي العمل به في بعض الجامعات حتى الشهر العاشر.

فعلى سبيل المثال، جامعة غازي عنتاب يتطلب التسجيل عليها من خلال تعبئة استمارة خاصة بالطالب وإرفاق الشهادات المطلوبة بها وتسليمها مباشرة إلى الجهة المعنية بشؤون الطلبة الجدد، بالإضافة إلى دفع مبلغٍ قدره 50$ كرسوم للتسجيل، أي ما يعادل 150 ليرة تركية في البنك الذي تحدده الجامعة.

في حين تتبع أغلب الجامعات التركية طريقة التسجيل الإلكتروني، وهي الطريقة التي لا يضطر فيها الطالب لدفع أي رسوم، وذلك عن طريق موقع إلكتروني خاص بالجامعة، يستطيع من خلاله الطالب المفاضلة من حاسوبه الخاص دون الذهاب إلى الجامعة.

الإجراءات المطلوبة للتسجيل

يتعيّن على الطلبة الحائزين على الشهادة الثانوية المعروفة بشهادة “البكلوريا” من مدارس النظام في سوريا، ممن يرغبون الدخول في الجامعات التركية، معادلة شهادتهم أولاً عند مديرية التربية التركية، وهي ما يعرف بين الطلبة السوريين في تركيا بـ “الدنكليك”.

ويتطلب “الدنكليك” أولاً أن تُصادق الشهادة وتُختم من مديرية التربية التابعة للائتلاف الوطني السوري، والتي تتخذ من مدينة “غازي عنتاب” مركزاً لها، ثم ترجمتها إلى اللغة التركية وختمها من كاتب العدل التركي “النوترة”، وعند الانتهاء من تلك الاجراءات، تُودَع الشهادة الأساسية التي ختمت من الائتلاف مع نسختها المترجمة عند مكتب “الدنكليك” في بناء والي المدينة التي يقطن بها الطالب.

وتختلف تكلفة الترجمة و”النوترة” بحسب كل مكتب خاص بتلك الأمور، فبعض المترجمين يطلبون حوالي 25 ليرة تركية على ترجمة ورقة واحدة، في حين تكلّف “النوترة” حوالي 100 ليرة تركية.

إلّا أن بعض الجامعات التركية ذات الترتيب العالي على مستوى البلاد، كجامعة “شكوروفا” في مدينة أضنة لا تقبل الشهادة السورية فقط، وإنما يتطلب على الطالب الأجنبي الراغب بالالتحاق بها، تقديم امتحان “اليوس” الخاص بالطلاب الأجانب.

ويحوي امتحان اليوس ثمانين سؤالًا جميعها عبارة عن اختيار من أجوبة متعددة، باللغة التركية والإنكليزية، متعلقة بمبادئ الرياضيات والمنطق واسئلة من الهندسة الفراغية.

وفي حال قُبل الطالب المتقدم للجامعات التركية وفاز بمقعدٍ، يتطلب عليه الحصول أولًا على شهادة اللغة التركية “TÖMER” وهي شهادة تمنح بعد اجتياز اختبارٍ في اللغة التركية يجرى للطلاب الأجانب لتحديد مستواهم في اللغة التركية، والاختبار يتكون من خمسة أقسام: القراءة والاستماع والتكلم والكتابة وقواعد اللغة.

وتصنّف شهادة اللغة التركية في خمس مستويات ويعد المستوى الرابع منها “B2” الحد الأدنى للقبول في الجامعات، وتتراوح مدة دراستها ما بين السبعة إلى ثمانية أشهر، وتدرّس في معاهد خاصة.

من جهة أخرى، تُدَرّس بعض الأفرع في عدد من الجامعات التركية كجامعة “غازي عنتاب” باللغة الإنكليزية حيث تفرض على الطالب التركي والأجنبي معاً بدراسة سنة تحضيرية قبل البدء بدراسة الفرع المسجل عليه، للحصول على شهادة ” أيلتس”.

التسهيلات التي تقدمها الحكومة التركية للطالب السوري

تقدم الحكومة التركية تسهيلات تعليمية كبيرة للاجئين السوريين الراغبين في الدخول إلى جامعاتها، من خلال إعفائهم من الأقساط السنوية وتقديم منحٍ دراسية لهم.

حيث تفتح مؤسسة المنح التركية كل عام، باب التقدم بطلب الحصول على منحة دعم دراسية للطلاب السوريين، تتضمن تقديم راتب شهري بقيمة 600 ليرة تركية، بالإضافة إلى تأمين السكن، إلّا أن عدد الطلبة المطلوب للقبول في المنحة قليل جداً مقارنة مع العدد الكبير المتقدم إليها.

بعض الطلبة لا يحالفهم الحظ بالقبول في المنحة التركية السنوية، فيضطر بعضهم إلى الانتظار لحين فتح باب التقديم مرة أخرى لكون المنحة تؤمن السكن وراتب شهري يستطيع الطالب من خلال تحمل مصروفه الشخصي من مواصلات وطعام وغير ذلك.

تدعم بعض المنظمات الإنسانية عدد من المؤسسات التعليمية، لمساعدة الطلبة السوريين من خلال تقديم منحة شهرية لمدة عام، كمنظمة “سبارك”، حيث يحق لكل طالب، يحمل الجنسية السورية، ويملك مؤهلات علمية ويرغب في إكمال مجاله التعليمي أن يسجل في هذه المنحة، التي تقدم للطالب المقبول في التعليم جميع نفقات وتكاليف البرنامج الدراسي بالإضافة إلى دفع رسوم الفصول الدراسية.

وتتوفر هذه المنحة فقط في ثلاث جامعات تركية وهي جامعة “غازي عنتاب” وجامعة “مصطفى كمال” في أنطاكيا، وجامعة “حرّان” في مدينة أورفا.

ضمان قبول الطالب السوري في الجامعات التركية

نظراً لتزايد عدد الطلبة السوريين المتقدمين للالتحاق بالجامعات التركية، أصبح من الصعب قبول الطالب بكل حرية في الجامعة التي يريدها والفرع الذي يرغب بدراسته، حيث تحدد الجامعات عدداً معيناً للمقاعد الخاصة بالطلاب الأجانب، ما يجعل فرصة الطالب في القبول بما يرغب به ضعيفة جداً.

وتساهم منظمات ومعاهد سورية تركمانية تم تأسيسها بدعم حكومي تركي، في تأمين بعض القبولات لمنتسبيها، حيث تحظى بعدد معين من المقاعد من بعض الجامعات التركية، تقوم بتخصيصها لطلاب تركمان عبر نظام تفاضل، منح، أو “نخْبِ معارف”، ويعاب عليها كثرة الواسطات فيها، كما أنّه من المحال أن يستفيد الطالب العربي منها، حيث تشترط أن يكون سوريًا تركمانيًا.

وأثارت مثل هذه المنظمات غضب العديد من الطلبة السوريين وأهاليهم، وخصوصاً العرب منهم الذي لا يحق لهم تلقي أي مساعدة من تلك المنظمات.

وتعليقاً على تلك المنظمات، تقول إحدى الطالبات السوريات المقيمات في تركيا في حديث خاص لموقع مرآة سوريا: “لم نتخلص من التمييز والعنصرية، بل لحقتنا إلى بلاد الغربة التي من المفروض أن نكون يداً واحدة دون التفريق بين عربي وتركماني ومسيحي والخ…”.

من ناحية أخرى، شكّل بعض الطلبة السوريين الملتحقين بالجامعات التركية مواقع إلكترونية وصفحات على موقع التواصل “فيسبوك” خاصة فقط بمساعدة الطلبة المقيمين في تركيا والراغبين بإتمام تعليمهم، من خلال تقديم النصائح وطرح الأسئلة ومشاركة مشاكل الطلاب ومعاناتهم أثناء الدراسة.

كما تعمل تلك المواقع والصفحات على تزويد الطلاب بكافة الأخبار الخاصة بالتعليم في تركيا، والمعلومات حول المنح الجديدة وطرق التسجيل عليها بالتفصيل.

وتعد تركيا الدولة الأكثر استقبالا للاجئين السوريين، حيث تقول إحصاءات تركية رسمية أن أعداد اللاجئين السوريين على أراضيها وصلت إلى ما يقارب 3,3 مليون لاجئ.

أضف تعليق