قدّم المهندس علي العمر، قائد حركة أحرار الشام الإسلامية العاملة في سوريا، استقالته بالأمس بعد شهور من شغر منصب القائد العام للحركة، واضعًا نقطة النهاية في سجل فاشل بقيادة الحركة التي تصنف كثاني أقوى فصيل في سوريا بعد هيئة تحرير الشام.
و عاجل مجلس الشورى في الحركة إلى قبول استقالة “أبي عمار العمر”،و أعلن عن تعيين “حسن صوفان” كقائد عام جديد لحركة أحرار الشام الإسلامية.
و كانت هيئة تحرير الشام التي تشكل “جبهة فتح الشام(النصرة)” قوامها الرئيس قد شنت هجومًا واسعًا على حركة أحرار الشام في محافظة إدلب، و لاحقت قادتها و عناصرها و أجبرتهم على التجمع في منطقة جبل الزاوية، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الهيئة و صقور الشام المحسوبين على الحركة، ينص على وقف الاشتباكات و الإفراج عن المعتقلين من الطرفين.
و لم يستطع “العمر” إحكام القبضة على القيادة، و تجلى انقسام الحركة في عهده بشكل كبير وواضح، و كان “أبو هاشم الشيخ” أحد “رموز التفكك و الانشقاق” في البيت الداخلي للحركة، و انتهى به المطاف قائدًا عامًا لهيئة تحرير الشام الند الأول لأحرار الشام.
فشل العمر في استمالة جميع قياديي الحركة و شرعييها و شخصياتها الهامة إلى جانبه، ما عزز الانقسام الداخلي و التكتلات، و “جيش الأحرار” الذي كان رسالة قوية ظاهرة و جلية ضد قيادة الحركة دليل على ذلك.
و يقول أحد القادة الميدانيين في الحركة:”أبو عمار إنسان مخلص لكنه كان عاجزًا عن الإمساك بزمام القيادة، و لم لم يشعر القادة بأنهم ملزمون بقراراته، و هو ما أدى إلى التخبط الوجودي للحركة”، بحسب وصفه.
و رأى القائد العسكري الذي رفض الكشف عن هويته، أنّ “من الإنصاف أيضًا أن ندرك أن الحركة تعرضت لأكثر من هجوم على كافة الأصعدة، و هو أمر لا يطاق، و لا يمكننا أن نرمي بكل الثقل على أبي عمار، فهو إنسان يجتهد و ربما يخطئ، و لا شك لدى كل من عرفه بإخلاصه للحركة”.
و أردف القائد في تصريح خص به موقع مرآة سوريا:”أن تكون مهندسًا لا يعني أنك مؤهل لقيادة فصيل عسكري، خصوصًا و أنّ هذا الفصيل منتشر في مناطق متفرقة شمالًا و جنوبًا، و على قائده أن يتمتع بصفات القيادة التي تؤهله للتحكم بكل أجزاء الحركة صغيرها قبل كبيرها.. لم يكن العمر كذلك”.
و حوّرت الحركة من منهجها الذي انطلقت به، و هو ما عزز الانقسام داخلها أيضًا، “فالحركة فصيل إسلاميّ، ينتسب المنتسب إليه عن قناعة بـ “الإيديولوجية” التي يتبعها، و إذا ما تغيرت هذه الإيديولوجية فمن الطبيعي أن نجد الانقسام و الضعف”، بحسب ما قاله “أبو محمد” العنصر السابق في الحركة.
و كانت الحركة قد أعلنت تبني علم الثورة رسميًا قبل أيام بهدف زيادة الحاضنة الشعبية، و افتعال موجة سخط شعبية لندها الأكبر هيئة تحرير الشام، كما أنّها قامت في السابق بتغيير العديد من المصطلحات و “عنوان المنهج” الذي تتبعه، فبات “مشروع أمة” بين ليلة و ضحاها “ثورة شعب”.
لبيب النحاس الذي يشغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية في “حركة أحرار الشام الإسلامية” يتزعم ما يسمى “اللوبي الإصلاحي” داخل الحركة، فله مؤيدوه من القياديين و له معارضون كثر، و هو مقرب من ممثلي الحركة في ريف حمص الشمالي على وجه الخصوص، و لعب دورًا هامًا في انقسام الحركة أيضًا، بحسب “أبي محمد”.
و يقول “أبو محمد” إنّ “استقالة العمر كانت استجابة لواقع مفروض، كل الحركة على مستوى القيادة و العناصر كانت في انتظار قيادة جديدة، و قد تم التداول بهذا الشأن قبل أيام و وقع الاختياء على حسن صوفان، ثم تم إعلان ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي”.
و يرى أبو محمد الذي اعتكف عن الانخراط في الاقتتال الأخير بين فصيله الأم و هيئة تحرير الشام أنّ “اختيار حسن صوفان ليس عبثيًا، لقد تمت تجربة شخص هادئ كالعمر، و أثبت فشله، فوقع الاختيار على صوفان الذي يعرف عنه وقوفه وراء قراراته و صرامته و قوة شخصيته بين القادة و العناصر”.
و تأمل الحركة في ظل قيادتها الجديدة أن تستجمع نفسها و قوتها وعناصرها من جديد، في وقت تعلن فيه هيئة تحرير الشام سيطرتها على مدينة إدلب و المناطق الحدودية الرئيسية مع تركيا.