في إجراء ملفت انفردت جبهة النصرة بإصدار بيان، توجهت فيه إلى الأغنياء في محافظة إدلب بتسليم زكاة أموالهم بالتعاون مع لجنة جمع الزكاة في بلدة الدانا، وطلبت منهم تسجيل أسمائكم، ورأس مالهم في مكتب ديوان الزكاة في مدرسة بنات الدانا، وذكر البيان أن جبهة النصرة ستقوم بإحصاء جميع المحلات التجارية وأصحاب الدخل من الأغنياء من أجل هذا الغرض.
هذا البيان استوقف الشيخ أبي بصير الطرطوسي فرد في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” على هذا الإجراء صباح اليوم الأربعاء ببيان شرعي، قال فيه: لا يجوز لجبهة النصرة أن تنفرد بجمع الزكاة ممن تستحق عليهم.. وذكر الطرسوسي عدة أسباب، منوهاً فيها إلى أن ” جمع الزكاة من أعمال الحاكم العام “، ولا يجوز أن ينفرد بذلك أي فرد أو جماعة، فهذا يعد استبداداً في الرأي ” ولا يؤمَن عليها أن تظلم وتتحزب في توزيع الزكاة وفق مصاريفها الشرعية والمحددة “..
والحجة الثانية التي جاء بها الشيخ الطرسوسي في عدم جواز هذا الإجراء، هي أن ” هناك أيضاً جماعات وفصائل متمكنة يمكنها أن تعلن نفس الإعلان .. وتقوم بنفس الإجراء .. والنتيجة تعدد الجبايات من الناس بسبب كثرة الفصائل الموجودة .. وأخذ الزكاة منهم أكثر من مرة .. وهذا من الظلم البيّن.. أو حصول فتنة ومقتلة فيما بين الفصائل، على اعتبار أن جمع الزكاة حق لبعضها دون بعضها الآخر “..
ويذكر الشيخ أن ” مثل هذا الإجراء المنفرد من النصرة .. يتناقض مع تصريحات قادة النصرة .. والتي تفيد أنهم جاؤوا إلى سوريا للنصرة .. وليس لكي يحكموا، ويديروا البلاد والعباد “.. كما أن ذلك يعتبر مقدمة لتجاهل القوى الشامية الأخرى العسكرية منها والمدنية الموجودة في الساحة السورية ” وذكر أن هذا التجاهل وهذا الانفراد سيؤدي إلى ” تجاهلهم في الشؤون الأخرى من شؤون الحكم والإدارة “..
وأشار الطرسوسي إلى ناحية هامة، وهي أن جبهة النصرة أعلنت أنها تابعة إلى تنظيم القاعدة، وأموال القاعدة محظورة عالمياً، ومن يدفع الزكاة في هذه الحالة لجبهة النصرة، سواء كان داخل سوريا أم خارجها، وفي حال تمت معرفة دافع الزكاة، سيكون عرضة للتهمة والمساءلة والسجن من قبل الدول العربية والعالمية ” وهذا بُعد لا بد من مراعاته والنظر إليه بجدية عند الإقدام على هكذا عمل “..
ويقدم الطرسوسي خيارين لدفع الزكاة، الأول ” أن تُترَك الحرية لمن تجب عليهم الزكاة من المسلمين، في أن يضعوا زكاة مالهم حيثما تطيب أنفسهم، وفق مصاريف الزكاة الشرعية والمحددة.. إلى أن ينتخب الناس حاكماً مسلماً تجتمع عليه الكلمة، فيقوم بهذه المهمة نيابة عنهم “…
والخيار الثاني هو أن تتوافق ” فصائل المجاهدين ” لتشكيل ” لجنة جباية الزكاة ” يُشرف عليها جمع من العلماء والدعاة من أهل الشام.. ومن جميع أطراف سوريا.. وأي ” طرف يجمع الزكاة من خارجها يُمنع، ويكون مداناً من الجميع “..
ويختم الشيخ الطرسوسي رده على إجراء جبهة النصرة بقوله: إن استطاعت الفصائل والجماعات أن تتوافق فيما بينها على تشكيل هذه اللجنة، فهذا خير، وهو المطلوب والخيار الأقرب للحق .. وإن عجزت .. وتنافرت .. وتدابرت .. ينصرف الخيار حينئذٍ للعمل بما أشرنا إليه في الخيار الأول.. وليس وراء هذين الخيارين إلا الظلم .. والفتنة، والعياذ بالله.
يذكر أن “عبد المنعم مصطفى حليمة” الملقّب بـ “أبي بصير الطرطوسي” يعتبر أحد كبار منظري التيار السلفي الجهادي، وهو ابن مدينة طرطوس السورية، و قد تنقل بين الأردن و اليمن و ماليزيا و أفغانستان قبل أن يستقر به الحال في بريطانيا، و له عدّة كتب في مجال الجهاد و الخروج على الحكّام الطغاة.