تستحوذ قضية اللاجئين السوريين على جل اهتمام العالم كونهم يعانون من وضعيات مؤقتة في بلدان اللجوء ما يدفع المختصين والباحثين للعمل من أجل الوقوف على أوضاع اللاجئين ومعرفة قضاياهم وإيجاد المقترحات الإيجابية لحلها وفق رؤى علمية تنتشلهم نحو الأفضل.
المؤتمر العلمي الدولي الثاني الذي حمل عنوان “اللاجئون السوريون بين الواقع والمأمول” في رحاب جامعة أديامان الحكومية التركية خلال الفترة ما بن 20-22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي برعاية وزارة الأسرة والشؤون الاجتماعية وولاية اديامان ووزارة التربية التركية وعدد من المؤسسات الحكومية التركية وأشرف على التنظيم جمعية النهضة العلمية في أديامان بهدف صياغة وبلورة رؤية أكاديمية وقانونية وعلمية مشتركة للباحثين والمختصين المشاركين فيه من شتى أنحاء العالم، حيث قدم للمؤتمر نحو 700 ورقة بحثية تم قبول نحو 200 ورقة من قبل اللجنة العلمية للمؤتمر بعد عرضها على التحكيم الأكاديمي باللغات العربية والإنكليزية والتركية، ونوقشت المداخلات في عدة جلسات علمية على مدى يومين موزّعة على محاور المؤتمر التي شملت الناحية القانونية والصحية والتعليمية والاقتصادية والمرأة والطفل وتأثير اللاجئين على اقتصاديات الدول المضيفة وغيرها من المحاور التي تعالج قضية اللجوء بكل أبعادها .
وأكد د. وسام الدين العكلة وهو مدرس في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة ماردين _ارتقلو أن “الأهمية الكبرى للمؤتمر هي تسليط الضوء على قضايا اللجوء واللاجئين السوريين بشكل خاص بأسلوب علمي أكاديمي من خلال أبحاث تطرح لأول مرة حيث شارك في المؤتمر نحو 76 شخصية أكاديمية من 19 دولة عربية وإسلامية، و77 أكاديمياً تركياً من 23 جامعة في تركيا، إلى جانب وفد من وزارة التربية التركية، ومنسقي العملية التعليمية في الداخل السوري ووكيل عن وزارة الأسرة والسياسات المجتمعية التركية، وكذلك عن وزارة الرياضة والشباب، و”آفاد” والهجرة التركية”.
وأوضح العكلة في تصريح خاص لموقع مرآة سوريا أن ” الأبحاث المقدمة في المؤتمر تضمنت توصيات هامة جداً على المستوى القانوني والاقتصادي والتعليمي والخدمي وعمالة الأطفال والحماية الدولية للاجئين وتوفير الرعاية القانونية والاجتماعية والصحية وإعادة التوطين والتحديات التي تحول دون اندماج اللاجئين في المجتمعات المحلية، وتم توجيه هذه التوصيات إلى المنظمات الدولية المعنية والأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والاتحاد الأوروبي وجميع المنظمات المهتمة بقضايا اللجوء، كما تم توجيه توصيات للدول المضيفة للاجئين السوريين لمعالجة المشاكل التي تواجهها خلال تعاملها مع قضية اللاجئين” .
وعن إمكانية تنفيذ توصيات المؤتمر كي لا تبقى حبراً على ورق لفت العكلة إلى أن “المؤتمر شكل لجنة متابعة للتواصل مع الجهات المعنية للعمل على تنفيذ توصيات هذا المؤتمر بغية ضمان تحقيق التوصيات ووضعها موضع التنفيذ”.
وحول العمل على تطوير واقع اللاجئين والارتقاء به نحو الأفضل أكد “أن قضية اللجوء تواجه تحديات كبيرة وتصطدم بمدى مصداقية المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية باللاجئين وتفعيل آليات التعامل مع هذه القضية في ضوء تزايد حالات النزاع المسلح التي تعتبر السبب الرئيس لتزايد أعداد اللاجئين”.
وشدد مدرس كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية على “ضرورة التعامل مع قضية اللاجئين بأبعادها الإنسانية بعيداً عن التجاذبات والمصالح السياسية سيما وأن أرقام اللاجئين وصلت في السنوات الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي يقتضي التعامل معها بجدية أكثر وأن تقوم الدول بما هو مفروض على عاتقها بموجب التزاماتها الدولية”، مشيراً إلى أن “على الدول أن تتعاون فيما بينها للحد من ظاهرة اللجوء ومعالجة أسبابه، وتذليل كافة المعوقات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعيق تطبيق نظام فعال للحماية الدولية للاجئين”.
وأرغمت الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب في سوريا، منذ عام 2011، ملايين السوريين على النزوح واللجوء إلى دول الجوار وبلدان أوروبية، حيث تستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين، والذين يقدر عددهم على أراضيها بأكثر من 3 ملايين لاجئ، إضافة لوجود أكثر من 300 ألف عراقي هربوا من الأوضاع غير المستقرة ببلادهم.
وافتتحت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد” ، 26 مركزاً مؤقتاً لإيواء اللاجئين السوريين في عموم الولايات التركية، قدمت فيها خدمات صحية واجتماعية للاجئين.
كما تشرف “آفاد” مع وزارة التربية التركية، على تعليم 510 آلاف لاجئ سوري، من مرحلة الحضانة حتى الثانوية، بينهم 245 ألفًا في المراكز السورية المؤقتة، و183 ألفًاً في المدراس الحكومية.
صهيب الابراهيم _ خاص لمرآة سوريا