(مرآة سوريا – متابعات) بينما مررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشروع قرار يرفض تغيير وضعية القدس القانونية، بعد أيام من اعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة لإسرائيل، استبق الرئيس دونالد ترمب الجلسة، بإطلاق تهديدات إلى دول العالم، بقطع المساعدات التى تقدمها بلادهم إليها، خاصة مصر صاحبة مشروع القرار.
وأثارت تلك التهديدات تساؤلات عدة حول موقف مصر, وما إذا كانت ستواصل مساندتها للدولة الفلسطينية ضد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل, أم أن التهديدات الأمريكية ستغير من موقفها؟.
اقرأ أيضاً: بعد إعلان أردوغان حول القدس سفير مصري: العبرة بالتنفيذ..وأفلح إن صدق
الدكتور عبد الله الأشعل, مساعد وزير الخارجية الأسبق, بدا مستبعدًا تمامًا لفكرة قطع المساعدات الأمريكية عن مصر، قائلاً: “الولايات المتحدة لا تستطيع قطع المعونة العسكرية أو الاقتصادية عن مصر بالتحديد, ومثل هذه القرارات لا يمكن لترامب أن يتخذها بمفرده, إذ أن هناك مؤسسات أخرى كالكونجرس والمخابرات المركزية (س آي إيه) ووزارة الدفاع (البنتاجون), لأن لديهم مبدأ: الرؤساء ذاهبون المؤسسات باقية”.
وفى تصريح إلى “المصريون”، أضاف الأشعل: “الولايات المتحدة تعلم مكانة مصر جيدًا, ودورها فى الشرق الأوسط”, ملاحظًا أن “هناك ارتباكًا كبيرًا داخل الولايات المتحدة منذ فرار الرئيس الأمريكى بشأن القدس, فقبل أيام أصر مايك بنس، على زيارته لمصر, رغم رسائل الرفض من المؤسسات الدينية فى مصر والتى أجلت زيارته الأولي, وأكد أن لديه رسالة معينة من الرئيس الأمريكى يريد إيصالها إلى نظيرة المصري, وهى أن “مصر شريك قوى لا يمكن الاستغناء عنه” واليوم يهدد بقطع العلاقات.
وأوضح، أن “التهديدات الأمريكية، لن تغير موقف مصر الثابت والواضح منذ قرار ترامب تجاه القدس, كما أن قطع المعونة عن مصر يعنى فتور العلاقات مع السعودية والإمارات والبحرين, وسيعصف بالسلام فى منطقة الشرق الأوسط”.
إلى ذلك، قال السفير جمال بيومي, مساعد وزير الخارجية الأسبق, إن “التحرك المصرى غير المسبوق منذ قرار ترامب, يعد أفضل انتصارات الدبلوماسية المصرية”, معتبرًا أن “تصويت 14 دولة فى مجلس الأمن من بينهم 4 دول أعضاء دائمين, وحلفاء الولايات المتحدة, أحرج الرئيس الأمريكى أمام الرأى العام العالمي”.
وحول جدوى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة, أكد لـ”المصريون”, أن “هناك اجتماعات طارئة تعقدها الأمم المتحدة عقب استخدام أى دولة عضو دائم فى مجلس الأمن حق “الفيتو” لإجهاضه, وعلى الرغم من أن قراراتها غير قابلة للطعن أو استخدام “الفيتو” ضدها إلا أنها غير مجدية, ودائمًا ما تقتصر على الإدانة الرمزية”.
وحول تهديد واشنطن للدول المؤيدة لمشروع القرار المصرى بمجلس الأمن, قال بيومي، إن “الإدارة الأمريكية تحرص دائمًا على تعزيز علاقاتها مع مصر, وظهر ذلك واضحًا فى تصريحات نائب الرئيس الأمريكى مايك بينس التى أدلى بها حول زيارته إلى الشرق الأوسط, وتغير جدول أعمال الزيارة لجعل مصر المحطة الأولى قبل إسرائيل, وبالتالي لا تستطيع أن تغامر بعلاقاتها مع دول مثل مصر”.
من جهته, رد رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس مؤسس حزب “المصريين الأحرار”، على تهديدات ترامب من خلال صفحته الشخصية على موقع “تويتر” قائلاً: “ياعم قلنالك طظ فيك وفى مساعداتك.. أنت دخلت فى مكان غلط ولا فى مصلحة أى يهودى عنده ضمير ولا مسيحى ولا مسلم .. القدس للجميع”.
وقال الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي، إن “المعونة الأمريكية طريق ذو اتجاهين، وإنكار استفادة أمريكا من المعونة التى تقدمها لمصر والتهديد بقطع المعونة “استعباط أمريكي”.
وأضاف الفقي في تصريحات تليفزيونية، أنه “يجب على العرب تقديم مساعدات على الأرض لصالح الفلسطينيين، ولا يجب الاكتفاء بالموقف الدفاعي”, مشيرًا إلى أن “ترامب يتبع سياسة المقاولين، وليس سياسات دبلوماسية”.
ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإن التهديد بقطع المساعدات هو السلاح الأخير فى يد ترامب.
وتساءلت الصحيفة فى تقرير لها نشرته اليوم الخميس: “كيف يمكن لترمب أن يقوم بمثل ذلك التهديد الذى قد ينطوى على قطع المساعدة المالية عن أكبر حلفاء البلاد الإستراتيجيين فى الشرق الأوسط، مثل مصر”، مشيرة إلى أن “المساعدات الخارجية تحتاج إلى موافقة من الكونجرس فهى من ضمن اختصاصه، وبينما يمكن للرئيس أن يرفع حجم المعونات من جانب واحد كشكل من أشكال النفوذ، فإن إلغاءها سيتطلب تشريعًا جديدًا”.
كانت مصر أول دولة عربية تحركت بشكل فورى منذ قرار الرئيس الأمريكى، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل, بصفتها العضو العربى بمجلس الأمن، حيث قادت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة عملية تفاوض مطولة وهادئة مع جميع أعضاء المجلس.
وجاء ذلك بالتنسيق الكامل مع بعثة فلسطين والتشاور مع المجموعة العربية بنيويورك، مستهدفةً الوصول إلى صياغة متوازنة لمشروع القرار تستهدف الحفاظ على الوضعية القانونية للقدس، مطالبة جميع الدول بالالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، معيدة التأكيد على المرجعيات الخاصة بعملية السلام.