تضحية ووفاء: أختان سوريتان تردان الجميل لتضحيات أمهما

تستيقظ أمل مبكرا كل صباح لتعد أطفالها للذهاب إلى المدرسة. تشعر أمل ذات الـ 42 عاما الآن بقليل من الأمان والطمأنينة بعد رحلة طويلة وشاقة من العناء والمشقة والخوف في منطقة الحجر الأسود جنوب العاصمة دمشق.
آخر مرة رأت فيها أمل زوجها المفقود كانت قبل ثلاثة أعوام, وتعيش الآن مع أطفالها الثمانية الذين تتراوح أعمارهم بين 12-21 في أحد مخيمات خان دانون منذ ما يقارب العام.
لم تسمع أمل أي خبر عن زوجها منذ اختفائه, قالت أمل ” وجدت نفسي مسؤولة عن تربية ثمانية أطفال وحدي, وحاولت دائما سد الفراغ الناتج عن غياب والدهم حتى لا يشعروا بحجم الخسارة” كما أضافت بأنها لا ترغب في الحديث عن رحلتهم الشاقة بالهرب من منطقة الصراع في الحجر الأسود أو عن ظروف اختفاء زوجها.
عملت أمل بجد لـتأمين الغذاء والاحتياجات الأساسية لأطفالها. قالت “كنت أؤمن حاجات عائلتي اليومية عن طريق تنظيف المنازل والعمل بالحياكة والتطريز” وأضافت “حاولت كسب ما يكفي لتأمين ظروف جيدة لأطفالي مماثلة لظروف معيشتنا قبل اندلاع الثورة”.
تدهورت الحالة الصحية لأمل المصابة بداء السكري وعانت من عدم انتظام في ضربات القلب وأصبحت بحاجة ماسة لإجراء عمل جراحي في القلب مما دفع أطفالها للبحث عن عمل لجمع المال الكافي لإجراء العملية.
اضطرت ابنتها رشا البالغة من العمر 22 سنة وهي طالبة في كلية الآداب بقسم علم النفس وابنتها الأخرى روعة 19 سنة لترك الدراسة والعمل في منظمة الندى للإغاثة, وهي منظمة محلية غير حكومية تقوم بإجراء دورات مهنية تدريبية وتعليمية في مخيم خان دانون بدعم من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وبمساعدتهما استطاعت أمل في النهاية إجراء العمل الجراحي اللازم. وقالت أمل وعيناها غارقة بالدموع ” طفلتاي الصغيرتان اللتان لطالما كنت مسؤولةً عنهما, أصبحتا ناضجتين اليوم وتحملتا مسؤولتي”

تعافت أمل الآن من جراحتها وعادت لتستأنف عملها وتقديم المساعدة والمشورة للنساء الأخريات في المخيم.
تقدم المفوضية بالتعاون مع منظمة الندى الغير حكومية مساعدات عدة للنساء والأطفال في هذا المخيم في عدة مجالات تشمل دورات إعادة التأهيل والدورات المهنية والدعم النفسي والأنشطة الترفيهية. ومنذ بدء العمل في شهر آب من العام الماضي استفادت 450 امرأة من دورات التدريب المهني. كما توفر المفوضية إمكانية الحصول على قروض مالية صغيرة لإنشاء مشاريع تجارية صغيرة أيضا.

تفتخر أمل بانجازات عائلتها وتأمل بالعودة قريبا إلى منزلها واسترجاع حياتهم السابقة. وتقول ” مهما استطعنا تجاوز الصعوبات لا يمكننا مقارنة حياتنا الآن بحياتنا السابقة”
• تم تغيير الأسماء للضرورات الأمنية.

أضف تعليق