لماذا لا يطلب الإيرانيون (توثيق) دعمهم للأسد كما يفعل (أصدقاء) الشعب السوري؟

تحول موضوع توثيق المساعدات بمختلف أنواعها والتي يرسلها من يطلق عليهم (أصدقاء) الشعب السوري إلى مادة إعلامية مثيرة للجدل فيما يتعلق بالمساعدات الإغاثية أو إلى موضوع تجاذب واتهامات بين الداعمين (دول أو أفراد) وبين الكتائب المسلحة فيما يتعلق بالدعم العسكري.

 

خلال الشهور الأولى الست من عمر الثورة السورية والتي تحول بعدها الحراك من سلمي إلى عسكري بفعل استخدام النظام للقوة الضاربة في كل انحاء المدن والقرى المتمردة على حكمه,تشكلت المئات من الهيئات والتنسيقيات والجمعيات الإغاثية والتي بدأت تتنافس فيما بينها على التواصل مع الداعمين بهدف تلقي الدعم والذي كان من المفترض أن يتوجه إلى محتاجيه من أبناء الشعب السوري الذي تعطلت أعماله بفعل الحرب, وما نجم عن تلك الحرب من حالات فقدان المعيل قتلاً أو سجناً وفقدان المأوى بسبب القصف أو التهجير وغير ذلك من الحالات التي لاحصر لها .

 

بالمقابل بدأت الحركات والكتائب العسكرية تصطبغ بصبغة فكرية معينة بفعل توجهات الجهات الداعمة, فمن المعروف أن أكثر من 99% من الدعم العسكري الذي لا ترعاه الأنظمة الرسمية جاء من جهات أو أشخاص أو شيوخ ينتمون لمنطقة الخليج العربي ما دفع معظم الكتائب العسكرية في سوريا لأن تصطبغ بالصبغة (السلفية الجهادية) لتجاري رغبات الداعمين والذين ينتمون لنفس المدرسة.

 

وبسبب تشابك رغبات الداعمين وميولهم مع متلقي الدعم مادفع أولئك الداعمين لتقديم الولاء على الكفاءة عند اختيار من يمثلونهم في سوريا من جهة, وبسبب عدم إمكانية إيجاد آلية توثيق احترافية لتوزيع المساعدات لصعوبة الأوضاع الأمنية من جهة أخرى, انتشرت حالات كبيرة للفساد أثرى فيها بعض المحسوبين على الأعمال الإغاثية متحولين من الفقر المدقع إلى أصحاب رؤوس أموال كبيرة.

ولأن الثورة السورية اتخذت من وسائل التواصل الاجتماعي منصة إعلامية لها منذ اليوم الأول, فقد انتشرت أخبار ذلك الفساد والسرقات بالتوازي مع انتشار صور مأساة الشعب السوري مادفع العديد من الداعمين وخصوصاً على مستوى العمل الإغاثي لطلب طرق شبه تعجيزية في التوثيق ليصل الوضع إلى ماوصل إليه اليوم من تصوير يرى فيه العديد من نشطاء الثورة إذلالاً للسوريين حيث يتم تصوير الرجال والأطفال والنساء أثناء تلقيهم للدعم في مشهد أقرب للتسول منه للعمل الإغاثي الذي يهدف أساساً لحفظ كرامة الانسان.

أما في الطرف المقابل فقد قدر مسؤولون أمميون قيمة ماقدمته إيران لنظام الأسد على مدى السنوات الخمس بما يزيد عن 30 مليار دولار أمريكي, فيما تشير بعض التقديرات لمحللين سوريين في الداخل أن مجموع ماقدمته إيران من مساعدات مالية وعينية عسكرية تجاوز الـ 100 مليار دولار.

ورغم ضخامة المساعدات الإيرانية لنظام الأسد, ومع استشراء الفساد والمحسوبيات الذي ينخر بنية هذا النظام من قواعده إلى قمة هرمه, فلم يتناول الإعلام الموالي في أي وقت ذلك الفساد ولم تطالب الجهات الإيرانية بأي توثيق حتى على مستوى الدعم الإغاثي الذي تقدمه إيران لقطاعات واسعة من الموالين لنظام الأسد وخصوصاً من أبناء الطائفتين الشيعية والعلوية.

وبحسب محللين فإن السلوك الإيراني يعزى إلى احترافية نظام الملالي وتصرفه كـ(دولة) مقابل تصرفات يمكن وصفها بـ(الصبيانية) من قبل داعمي الشعب السوري سواء من الدول أو الهيئات أو الأفراد, ففي حين ترى إيران مسألة دعمها لنظام الأسد مسألة مصيرية يمكن أن تتغاضى بسبب أهميتها عن هدر مئات الملايين من الدولارات التي تضيع بسبب الفساد والسرقات حيث ينقل عن المسؤولين الإيرانيين أنهم يكفاحون ذلك الفساد بمزيد من الإغراق المالي والعسكري, فإن داعمي الثورة السورية ما زالوا يتعاملون مع الموضوع كموضوع ثانوي يتم الانشغال بتفاصيله على حساب أهميته الاستراتيجية التي قد تطيح بعروش كبيرة فيما لو كتب النجاح للمحور الإيراني في المنطقة.

صحيح أن إيران قد خسرت عشرات مئات الملايين من الدولارات دعماً لنظام الأسد, ولكن الإمبراطوريات تبنى بالتضحيات كما قيل ,ولإيران تجارب قديمة سابقة في استثمار الأموال في الحروب حيث أنها ربحت بلداً كاملاً مثل العراق بنفطه وشعبه وموقعه الاستراتيجي بعد عقد من الاستثمار في دعم الميليشات الشيعية والسنية على حد سواء, فيما لا يزال العرب يعدون على السوريين صناديق الإغاثة ويطلبون منهم تصوير كل صاروخ يطلقونه على دبابة .

أضف تعليق