سجّلت الفترة الماضية أدنى مستوى لليرة السورية منذ استقلال سوريا، حيث تخطى سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الـ 230 ليرة سورية، و هذا ما جعل الليرة السورية تفقد أكثر من 80% من قيمتها قبل بدء الحراك الشعبي في سوريا في الثالث من آذار 2011.
و يأتي هذا الانخفاض الكبير لليرة السورية في ظل خروج المناطق الشمالية و الشرقية و الجنوبية في سورية عن سيطرة النظام السوري، و بالتالي فقدانه للموارد الغذائية و الزراعية فيها والتي تعدّ من الأعمدة الأساسية للاقتصاد السوري، كما أن الناس في تلك المنطقة اعتمدوا في تعاملاتهم المالية على الدولار و اليورو بشكل خاص في الفترة الأخيرة خوفًا من التقلبات الكبيرة التي تشهدها قيمة الليرة السورية ، إضافة إلى تعطّل القطاع السياحي بشكل كامل و هذا ما جعل الاقتصاد السوري يفقد مدخول العملة الصعبة إلى البلاد.
في حين يلجأ البنك المركزي إلى تقليص الفرق بين سعر الصرف الرسمي لليرة السورية و بين سعر صرفها في السوق السوداء عن طريق خفض سعر الصرف في نشراته الرسمية و قيامه بجلسات تدخل بين وقت و آخر لضخ الدولار في السوق و بيعه لشركات الصرافة المعتمدة.
و كان أديب ميالة حاكم مصرف سوريا المركزي قد اتهم في تصريح له أسواق لبنان بالمضاربة على العملة السورية و عن نية المصرف المركزي سحب العملة السورية المتداولة في السوق اللبناني لتقليص حجم الضرر الناجم من مضاربة البنوك و مؤسسات الصرافة اللبنانية على الليرة السورية و بالتالي خفض قيمتها، الأمر الذي يطرح إشارات استفهام عديدة حول قانونية هذا الإجراء و الصلاحيات التي يمتلكها مصرف سورية المركزي للقيام بهكذا أمر.
و يذكر أن انخفاض أسعار النفط و فرض العقوبات الاقتصادية في الفترة الماضية على كل من روسيا و إيران الحليفتين الاستراتيجيتين لنظام الأسد، قد رمى بظلاله بشكل مباشر على الاقتصاد السوري و على حجم الدعم المعهود منهما للاقتصاد السوري، هذا الدعم الذي اعتمد عليه نظام الأسد بشكل كبير خلال السنوات الأربع الماضية، و استغله لإنقاذ الليرة السورية من موجات انهيار عديدة كان أولها منتصف عام 2013 م.