مع بداية بريق نجم تنظيم الدولة الإسلامية و تصدّره ساحة القتال و المعارك على الساحة السورية و سيطرته على مناطق ثروات نفطية و بترولية أواسط العام 2013, انتشرت ما تسمى عقود و مواثيق لحماية تلك المناطق و الآبار و المحطات البترولية المتواجدة فيها و التي تعدّ من أهم موارد الطاقة و مشتقات البترول للنظام السوري.
حيث بدأت تلك الاتفاقات تبصر النور و تتوضح للعلن بعد أن كانت سريّةً جداً في بداية عملها في بلدات و مناطق ريف حمص الشرقي التي تقبع تحت سيطرة عناصر تنظيم الدولة, لا سيما حقول و آبار منطقتي التوينان و شمال الحسين الواقعتين شمال شرقي مدينة تدمر و اللتان تزودان عدة محطات حرارية تنتج الطاقة الكهربائية في أرياف حلب و حماة و حمص و ريف دمشق.
و تأتي تلك الاتفاقيات بعد عجز النظام عسكرياً عن استرجاع تلك المناطق من جهة و الاستفادة من مردودها البترولي و لو بنسبة قليلة بدون عناء المعارك و الخسائر البشرية و العتاد بعد عدة محاولات فاشلة سابقة لاستعادة السيطرة عليها كونها ذات طابع جغرافي صحراوي و جبلي تمتد بتضاريسها إلى مناطق شرق سورية التابعة لسيطرة تنظيم الدولة و خطوط إمداده العسكرية و البشرية من جهة أخرى.
ويشرف على تلك الاتفاقيات شخصياً ضباط كبار من قيادات جيش النظام و أمنييه و أبرزهم علي مملوك و حسام سكر و ذو الهمة شاليش, و يتم إبرام هذه العقود تحت غطاء و إدارة الشركة السورية للنفط التابعة للنظام السوري و شركة هيسكو الروسية المنفذة لمشاريع إنشاء و مراقبة أغلب تلك المحطات, و تنص تلك الاتفاقيات على عدة بنود من أهمها الشخص الذي يكلّف بدور الوسيط بين تنظيم الدولة و النظام السوري و الذي يكون غالباً صاحب الحظ الأوفر بالاستفادة من عقد الحماية من ناحية المردود المادي و يكون بدوره من أزلام أحد أولئك الضباط و الأمنيين من أهل المنطقة المراد الاتفاق عليها, و مهمته التواصل بين الطرفين للوصول إلى النص النهائي للاتفاق و مباشرة العمل به.
حيث يبقى موظفو و عمال تلك المحطات و الآبار على رأس عملهم كأحد الشروط التي يفرضها النظام في العقد المبرم بين الطرفين و يتلقّون رواتبهم الاعتيادية من الحكومة السورية و يلتزم عناصر تنظيم الدولة بحماية تلك المناطق و الأنابيب الحاملة للنفط و الغاز من أي استهداف أو تخريب يؤدي إلى ايقاف عملها مقابل مبالغ مالية عالية يتلقاها التنظيم من النظام السوري .
أما بالنسبة لمنفعة و مردود الوسيط و صاحب الحظ في عقد الحماية, فالعقد مدته الزمنية من ثلاثة أشهر الى ستة يتلقّى مبلغا مادياً يقدّر بثلاثة أو أربعة ملايين ليرة سورية لعقد الثلاثة أشهر مقابل توفير المواد الغذائية و التموينية للعناصر المسؤوليين عن حماية تلك الحقول و الذين يكونون غالباً من أهالي المناطق نفسها التي تقع فيها الآبار و المحطات.
و ظهرت في الآونة الأخيرة عدة اتفاقيات جديدة من ذات الشكل و المضمون كونها أصبحت مصدرًا للأموال و الثروات النفطية يتقاسمها أيضاً ضباط و أمنيو النظام السوري و مسؤوليوه, و الملفت للنظر كون الاتفاقيات الجديدة تتضمن مواقعَ و نقاطًا تخضع لسيطرة النظام السوري في ريف حمص الشرقي و لا تحتاج لمن يحميها أو يديرها إلا أن جشع و عنجهية مسؤولي النظام و تقاسمهم لثروات البلاد و اموالها بات الأمر الأهم لديهم من الأزمة السورية و طرح الحلول لإنهائها أو حتى المساهمة في ذلك.