عندما يصبح الأميّ دكتورًا.. تزوير وبيع الشهادات الجامعية السورية بلا رقيب ولا مساءلة – مرآة سوريا

استغل تجار الحروب فلتان الرقابة وانعدام الضمير و بدؤوا امتهان تزوير الشهادات الجامعية والثانوية وجميع الأوراق الثبوتية المطلوبة في المدن التركية وغيرها من المناطق السورية المحررة.
ولم تخف مكاتب تزوير وبيع الشهادات الجامعية أعمالها غير الخاضعة للمساءلة الأمنية فانتشرت بأعداد كبيرة تحت مسميات تمويهية مختلفة تدعي تقديم الخدمة للسوريين.
وتستعمل تلك الشهادات المزورة في منظمات إغاثية وإنسانية عاملة في تركيا لديها شواغر للعمل وفي مراكز التعليم السوري المؤقت التي أسسها أصحاب الأموال وهم بالكاد يحملون الثانوية العامة ما دفع الكثير ليسلك هذا الطريق والمبرر إعانة المواطنين ممن فقدوا شهاداتهم بسبب الحرب.
يرفض مازن – ط تجارة الشهادات فيقول:” نعيش في بلاد الغربة ظلم آخر من مزوري الشهادات فأنا حاصل على هندسة الميكانيك من جامعة دمشق لم يحالفني الحظ بعمل يناسب اختصاصي وتراني أعمل في الأمبلاج والخياطة بينما ابن عمي أعرف تماماً أنه لم يحصل على الثانوية إلا بعد فترة طويلة من الرسوب أصبح مدير مدرسة سورية”.
ويتابع مازن قائلاً: “افتح الفيسبوك لتشاهد مئات المكاتب التي تعرض خدماتها الوهمية للسوريين فهي بالحقيقة مجرد مكاتب وشركات لبيع الشهادات المزورة وتعطيك أسعار كل شهادة أو اختصاص بالدولار طبعاً”.
سعيد.م. أحمد كان وضعه مختلفاً يقول: ” انتقلت إلى السنة الرابعة في الجامعة ثم تأزمت الحرب واعتقلتني قوات النظام في بداية الأحداث وبعد شهر خرجت من السجن وأتيت إلى تركيا فلم أستطع إكمال دراستي وهنا اشتريت شهادة تجارة واقتصاد مصدقة أصولاً خلال أسبوع ب 250 دولار” .
ثائر عمور من ريف حلب 300 عاماً يقول: “ما يحصل في تركيا لا يصدق تزوير الشهادات تجارة في كل القرى ورغم علمي أن المتاجرة بها حرام شرعاً ولا تعبر عن أخلاقنا قررت لحصول على شهادة لعلي أجد العمل المناسب بعدما تقطعت بي كل السبل وأخذت شهادة دبلوم تربية مع خبرة دراسية وحددت سنة التخرج الآن أثبت جدارتي في هذه المنظمة والجامعة بناء على طلبي علماً أني لم أدخل مجال التعليم أبداً وأعترف بما حصل”.
براء.ك لا يمانع بيع الشهادات فيقول: بعض الطلاب درسوا أربع أو خمس سنوات وبقوا في السنة الأخيرة لم يتخرجوا لأسباب ما فأولئك برأيي يستحقون الحصول على الشهادات والكثير ممن هم أصحاب كفاءة وقدرة على التدريس لا يحملون الشهادات الجامعية على عكس البعض ممن تخرج بالواسطة وهو غير مؤهل لحمل الشهادة الجامعية”.
ويتابع براء بقوله: “لم تتاح لي فرصة الحصول على الشهادة الجامعية أتتني فرصة عمل في منظمة مجتمع مدني وبراتب مغري فلم أتردد وتقدمت إليها بالشهادة المزورة وأثبت جدارتي في هذه المنظمة”.
أحمد علي .س مدرس قديم يقول:” أصبح بيع الشهادات المزورة مثل بيع الخضار أو الفواكه وقد يصبح على البسطات لاحقاً شيء يدعو للسخرية لما وصلنا إليه فقد ذهبت إلى مكتب مشهور في استنبول وادعيت الحصول على شهادة فجاءني الجواب سريعاً يوجد كافة الشهادات بمختلف فروعها غير مكشوفة إلا في سجلات وزارة التربية التابعة للنظام”.
وأضاف أحمد : “ولازال صاحب المكتب يتحدث إلي وأنا أستمع دون كلمة….مع صورة مصدقة ب 150 دولار ومع كشف علامات ب 250 دولار وأما الشهادة الأصلية الكرتونة ب300 دولار وشهادات الطب والهندسة أغلى بكثير فتبلغ أكثر من 500 دولار والماجستير ب 350 إلى 500 دولار ويقول لي صاحب المكتب سنعمل لك حسم إذا أردت أكثر من شهادة أو جلبت لنا زبوناً نراعيك”.
قيس . ن يحمل شهادة فلسفة مستاء من تزوير الشهادات وحصول من يملك المال عليها فيقول: “ضاع مستقبلي وكل الوظائف بيد غير أهلها فالشخص الذي يملك 300 أو 400 دولار يحصل على شهادة ويدرس في مدرسة معارفه أو أقربائه ونحن نفقد الحلم بوظيفة بعد سنوات طويلة من الدراسة”.
وأضاف قيس :”ماتت قيم الإنسانية وانعدمت أخلاق البشر وهم لا يراعون من يحمل الشهادات ومن هو مؤهل للتدريس عن غيره ممن لا هم لهم إلا الدولار وجمع الأموال بأي طريقة كانت”.
وقال قيس:”أسفي على هؤلاء المزورين الذين يعملون دون حسيب أو رقيب وعلانية دون حياء”.
وانتقد حسن طيفور رئيس نقابة المعلمين الأحرار موقف وزارة التربية في الحكومة التركية فيقول:” لم تبحث وزارة التربية التركية عن مصداقية الشهادة السورية وهي المعنية في أمور التربية على الأراضي التركية بل اكتفت بإعادة تأهيل وتدريب القائمين على العملية التعليمية بكافة شهاداتهم سواء كان حاملاً شهادة بكالوريا أو معهد أو جامعة فالمعيار الذي اتبعته وزارة التربية التركية في تعيين المعلمين حسب نتائج الدورة التأهيلية والمقابلة الشفهية التي تركزت على الناحيتين البدنية وسلامة الحواس فقط”.
وأضاف رئيس نقابة المعلمين :” بقي المعلمون القدامى في أماكنهم ومدارسهم مع بعض التنقلات باستثناء من رسب وكل ذلك تم دون الرجوع لأي طرف سوري سواء وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة أو نقابة المعلمين”.
وانتشرت هذه الظاهرة السلبية في مناطق واسعة من مدينتي حلب وإدلب وريفهما مع بدء موجة نزوح داخلية ولجوء العائلات السورية إلى تركيا عام 2011 في ظل غياب كامل لرقابة السلطات التركية.
وفي ظل ذلك لا يتمنى أصحاب الشهادات الأصلية سوى أن يجدوا فرصة عمل لهم وأن يتم اختيار أصحاب الكفاءات والخبرات ليكونوا في مكانهم المناسب.