(مرآة سوريا – أول الأسبوع) من ظلم الحقيقة حصر ظاهرة ” المواطن الكلب ” بمؤيدي الأنظمة العربية وشبيحتهم, تلك الظاهرة التي أفرزها التفتت الاجتماعي والديني والثقافي الذي طفا إلى السطح مع الثورات العربية ,بعد أن كان حبيساً طيلة عقود في هذه المجتمعات التي مردت شعوبها على النفاق تجاه الحكام والأحزاب والتيارات السياسية, فما هي مواصفات ” المواطن الكلب “؟ وهل هناك مقياس يجب على كل عربي أن يستعمله لكي يعرف مدى إصابته بهذه العلة؟ أم أن داء “المواطن الكلب ” لا براء منه ولا يدرك المعتل به أنه مريض يحتاج فعلاً إلى علاج؟
سنستعرض معاً مجموعة من أهم صفات ” المواطن الكلب “, مع العلم أن تعداد كل خصاله يحتاج لدراسات ومراكز أبحاث مستقلة, بشرط أن يكون القائمون عليها خالين من داء “الكَلَب”:
– التذبذب هو من أهم صفات ” المواطن الكلب ” فهو مستعد أن يحارب بشدة ثم أن يتضامن بشدة أكبر مع نفس الحدث وفقاً لتغير مزاج صاحبه, فطيلة نصف قرن مثلاً كان “المواطن السوري الكلب” يشيد بالتوجه العروبي “المعلن” للنظام , حتى حين فُرض على أبناء القوميات الأخرى أن يعرفوا عن أنفسهم كعرب, كان هذا الفرض أمراً طبيعياً ومبرراً بأدلة منطقية يسوقها ” المواطن الكلب “. ثم مرت السنون والأحداث ليقول بشار الأسد بكلمة واحدة ” إذا كانت هذه العروبة فنحن لا نريدها” فتحول المواطنون الكلاب لإثبات الأصول الفينيقية والسريانية للسوريين وأنهم لا يمتون للعرب والعروبة بأي صلة.
– المواطن الكلب يناصر صاحبه ولو ضد وجوده: قد تصنف هذه الصفة تحت بند الصفات الإيجابية في عالم الكلاب الحقيقي, أما عندما يتحول المواطن إلى كلب, فهو مستعد أن يدافع عن صاحبه ولو ضد مصالحه الوجودية, ففي السعودية مثلاً, يسبح ” المواطن الكلب ” بحق أوامر ملكية متناقضة دائماً, فحين يتم رفع بعض الأسعار وفرض سياسات تقشفية, يبرر المواطن الكلب هذه السياسات بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الإقليم والعالم ويتحول إلى خبير استراتيجي حاذق, فإذا ما ثبت تبذير الحاكم لمئات المليارات من الدولارات قال نفس المواطن الكلب “أرضهم وحلال أبوهم”.
– المواطن الكلب “جحش أيضاً” : طور المواطن الكلب صفات لا يحملها الكلب الحقيقي, فقد جمع من خصال الغباء وإنكار الواقع ما تفوق به على جنس “الحمير”, ورغم بروز هذه الصفة عند أغلب المواطنين العرب الكلاب, فإن خير مثال عنها هو المواطن الفلسطيني الكلب المناصر لنظام الأسد, هذا المواطن الذي يمكنه بحسبة بسيطة التأكد من أن الأسدين الأب والابن, قد قتلا وشردا من أبناء شعبه خلال سنوات قليلة أكثر بأضعاف مضاعفة مما فعلته إسرائيل, ورغم تصريح الأخيرة علناً ولعدة مرات أن بقاء الأسد ضرورة استراتيجية لأمنها, يصر المواطن الفلسطيني الكلب المناصر للأسد على أن نظام بشار ركن أساسي من أركان محور الممانعة.
إقرأ أيضاً: نصر الله: رامبو في سوريا وناشط حقوقي من أجل القدس
– المواطن الكلب “كذاب أشر”: يكذب المواطن الكلب كما يتنفس ثم يصدق الكذبة, وتتداخل هذه الصفة مع الصفة السابقة بالتأكيد, وأفضل مثال على هذا التداخل هو المواطن الكلب في مصر, فرغم القضاء شبه التام على حركة الإخوان المسلمين التي تعاملت مع السلطة بغباء شديد قبل الإطاحة بها, يُحَمَّـل هؤلاء الإخوان اليوم مسؤولية كل كوارث البلاد وصولاً إلى الطبيعية منها, إلى درجة أن ينشر مواطنون كلاب في الإعلام المصري أخباراً من قبيل حدوث فيضان سببه قيام الإخوان المسلمين بإغلاق مجاري الصرف الصحي, ليصدق هذه الأخبار مواطنون كلاب آخرون بشكل طبيعي جداً.
– المواطن الكلب “وقح” : لا يستحي المواطن الكلب من إبراز أي من صفاته, فهو مستعد أن يمارس التذبذب والكذب والتغابي وغيرها من الصفات بكل وقاحة, وخير مثال عن وقاحة المواطن الكلب هو سلوك أنصار الجماعات السلفية خصوصاً أنهم يقدمون نموذجاً للمواطن الكلب بـ “تأصيل شرعي”, ففي سوريا مثلاً كانوا -ومازالوا- يصفون الحكومة التركية وجيشها والفصائل التي تدعوها إلى التدخل بالـ “الكفر” و “الخيانة”, وعندما تدخل الجيش التركي في سوريا بتنسيق مع تلك الجماعات نفسها أصبح هذا التدخل بنظر “المواطنين الكلاب” حكمة وبعد نظر استراتيجي وضرورة شرعية ملحة.
من المؤكد أن صفات “المواطن الكلب” أكثر من أن تحصى في هذه العجالة, كما أن هناك نسخاً مطورةً من “المواطن الكلب” تبوأت مراكز هامة في السياسة والصحافة والإعلام تحتاج إلى أبحاث تفصيلية لدراسة مساهمتها في تعميم “الكَلَب” على المجتمعات العربية, وتعطي الجواب حول إمكانية وجود حلول علاجية لهذه الظاهرة, أم أن دواء “المواطن الكلب” هو ذاته دواء “الكلب العقور” ,والذي تمارسه بحقه فعلياُ نفس الأنظمة التي يسبح بحمدها.